Close ad

الطفل الباكي.. الصغير الذي توسل الإنسانية وكشف "معاداة" المدارس لنظام التعليم الجديد

26-9-2018 | 14:03
الطفل الباكي الصغير الذي توسل الإنسانية وكشف معاداة المدارس لنظام التعليم الجديدالطفل الباكي
أحمد حافظ

"عايز أنام والنبي يا حاجة"، عبارة قصيرة امتزجت بدموع حارقة، لطفل لم يتخط عمره الست سنوات، كان يتوسل إلى معلمته، أن يأخذ قسطًا من الراحة، ولم يتوقع أن يكون رد الفعل قاسي، بالسخرية من طلبه، والتعامل معه بطريقة توحي أنه غير متزن.

موضوعات مقترحة

هو الطفل محمد صالح، ابن حي شبرا مصر، الذي قوبل بكاءه وتوسلاته بلا حس إنساني، بعدما ضرب معلموه بكل التعليمات عرض الحائط، ولم يدركوا أنه مريض ويعاني من تبعات كسر في قدمه، استدعى أن يكون طريح الفراش لأشهر، قبل أن يتعافى ويذهب إلى مدرسته منتظرا مزايا نظام التعليم الجديد.

في اليوم الموعود، ذهب الطفل إلى مدرسته، وهو ما زال يتألم من ساقه، فتحدث بتلقائية وعفوية مع "الدادة" التي تقف في نافذة الفصل، وقال لها "عايز أنام ربع ساعة والنبي يا حاجة.. ربع ساعة بس"، وكان إلى جوار "الدادة" شخص، يفترض أنه معلم وإنسان، يقوم بتصوير الطفل وتوسلاته، وتظهر في الفيديو، معلمة الفصل وهي تتجول بين الطلاب وتمسك العصا، كسلاح ترهيب للصغار.

لا يحتاج الفيديو الذي صوره أحد معلمي الطفل، لمزيد من الشرح، لمحاولة فهم الخطأ، وإن صحت الجريمة التي ارتكبها المعلم بحق هذا الصغير، عندما انتهك خصوصيته، وقام بتصويره في هذه الحالة الصعبة، في سلوك غير تربوي يتنافى مع دوره الإنساني قبل التعليمي.

صحيح أن أحمد خيري، المتحدث الرسمي والمستشار الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، تحرك سريعًا وبادر بالاتصال بأسرة الطفل، واعتذر لها عن هذا السلوك غير التربوي، وتعهد بالتحقيق في الواقعة ومحاسبة المتورطين فيها، وهو تحرك إنساني يعكس رفض وزارة التربية والتعليم لهذا التصرف، لكن أبعاد الواقعة تبرهن أن هناك بيئات مدرسية تحتضن معلمين يستحقون الإقصاء النهائي عن التدريس.

المتابع للقرارات والتعليمات الوزارية التي وصلت المدارس، وبينها مدرسة هذا الطفل، قبل بدء الموسم الدراسي الجديد، يتأكد حجم الخلل في البيئة المدرسية، وكيف أن هناك معلمين يظهرون التحدي الواضح والعلني لوزارة التربية والتعليم بشأن نظام التعليم الجديد.

بالنظر إلى الأخطاء التي تقود المعلم الذي قام بالتصوير، والمعلمة التي كانت موجودة في الفيديو، وتستحق العقوبة القاسية، فهي متعددة، ويمكن وضعها أمام جهات التحقيق، والمسئولين عن متابعة الواقعة، وهي كالتالي:

1- تصوير طفل بدون علمه وهو يبكي ويتوسل، في انتهاك صارخ لخصوصيته، بالمخالفة لقانون الطفل وتعليمات وزارة التعليم.
2- استخدام الهاتف المحمول داخل الفصل في مخالفة صارخة لتعليمات وزارة التعليم بمنع استخدام المحمول أثناء العمل.
3- استمرار التعامل بـ"العصا" مع الطلاب، وهي وسيلة ترهيب منعتها وزارة التعليم في المدارس وتوعدت المخالفين.
4- نشر مقطع فيديو مسيئ لطفل لا يدرك أفعاله ويتعامل بالفطرة ويظهره على أنه شخص غير متزن ويتوسل للآخرين.

كل هذه الأخطاء الكارثية، تتنافى تماما مع أبجديات نظام التعليم الجديد، وباعتبار الطفل ما زال في مرحلة رياض الأطفال، أو حتى الصف الأول الابتدائي، فإنه من الذين يطبق عليهم النظام الجديد، الذي تقوم أهدافه على بناء شخصية سليمة قويمة تثق في نفسها، تتسامع مع الآخرين، وتحب مدرستها ووطنها وتحترم معلميها.

إذن، الواقعة تعكس أن المتورطين في فيديو الطفل الباكي، يرفضون نظام التعليم الجديد وأهدافه، ويظهرون التحدي الواضح لوزارة التعليم، من الكبير إلى الصغير، ولا يعترفون بأية تعليمات أو قرارات، ويتمسكون بالتدريس وفق أفكارهم وسلوكياتهم التي وصلت بحال التعليم إلى حافة الهاوية.

لا يمكن اقتصار التعامل مع الواقعة، بمنظور إنساني فقط، وإن كان ذلك الأهم، لكن المهم أيضا، أن يدرك المسئولون عن المنظومة التعليمية، خطورة وجود مثل هؤلاء في المدارس، لأنهم بجانب عدائهم لبراءات الأطفال، يبدو شغوفين بأن يكره الصغار والكبار المدرسة، وهؤلاء أيضا، يمثلون العقبة الأخطر أمام أي محاولة لتغيير واقع تعليمي وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من التدهور، فمتى تتحرك وزارة التعليم لفلترة المدارس من هذه الفئة إذا كانت تريد لنظام التعليم أن ينجح؟.


..

..
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة