Close ad

القاهرة في العيد

22-8-2018 | 22:53

تظل القاهرة بكل زخمها وصخبها، قبلة المصريين؛ إما للعمل؛ أو للتنزه؛ فهي دائمًا؛ صاحبة الوهج المتفرد بلا منازع، لذلك حينما يصل عدد مرتاديها وسكانها إلى ما يزيد على ربع المصريين، فهذا يعني أن تلك البقعة الصغيرة جدًا من إجمالي مساحة مصر تعاني اكتظاظًا لا مثيل له بالناس!

فيها الوزارات والمصالح والهيئات الإستراتيجية التي يحتاج المواطنون للتعامل معها، ومع استمرار مركزية القرار في عديد من الجهات الحكومية، يزداد تكدسها يومًا بعد يوم.

لظروف العمل، توجهت إليه أول وثاني أيام العيد؛ لأشاهد هدوءًا رائعًا، شوارع شبه خاوية من المارة إلا قليلاً، حتى كدت أشعر أني أعيش فيها بمفردي، وصول للعمل في نصف الوقت تقريبًا، حتى مترو الأنفاق، استغرقت رحلته المعتادة للعمل وقتًا أقل؛ فهل هي الإجازة؟

تأمل وضع القاهرة في العيد، يأخذنا للتفكير في أمرين:

أولهما؛ قرار مد إجازة العمل الحكومي لثلاثة أيام، هل يكون مجديًا لو تم التصديق عليه؟ من أجل تخفيف العبء على شوارع القاهرة التي تختنق بكم كبير جدًا من كل أنواع السيارات، فقد أُصيبت شرايينها بالتصلب جراء زيادة أعداد السيارات عن قدرة الطرق على استيعابها.

قد يكون من المفيد زيادة الإجازة يومًا آخر، ولكن من المهم، دراسة كيفية الاستفادة من هذا اليوم، بمعنى توزيع اليوم على كل الجهات الحكومية، بحيث لا يكون يومًا ثابتًا.

أو توزيع اليوم على موظفي الحكومة، بحيث يتناوب عليه كل الموظفين، في هذه الحالة يتم توزيع العمل على الجميع، ومن ناحية أخرى يخف الضغط على شرايين العاصمة، أما الأهم من هذا وذاك فهو ترشيد نفقات الكهرباء ومستلزمات التشغيل من سيارات حكومية وما شابه.

أما الأمر الثاني فهو خاص بالعاصمة الإدارية الجديدة، التي تبعد عن العاصمة القديمة بمسافة تزيد على 50 كيلو مترًا على الأقل، هل من المفترض نقل كل الوزارات والهيئات التابعة لها إلى العاصمة الجديدة، أم سيتم نقل كيانات ممثلة لها فقط؟

وهذا سؤال مهم؛ لأنه يرتبط بمصائر البلاد والعباد معًا، فنقل كل الجهات الحكومية من شأنه إعادة الهدوء للقاهرة مرة أخرى؛ لتستعيد شبابها وحيويتها، كما يعيد لشوارعها انسيابيتها المفقودة.

أما لو اكتفينا بعمل مقرات ممثلة للوزارات يتواجد فيها القيادات فقط، ستظل الأزمة بكل أبعادها. وهنا نحن أمام خيارين:

الأول؛ نقل القيادات، وهذا من شأنه ضرورة البحث عن آلية للتواصل مع المرؤوسين، لاسيما أننا جهاز بيروقراطي بحت، تنص إجراءاته على أن تتضمن الأوراق المعتمدة على وجود توقيعات متنوعة لعدد من الموظفين، تصل أحيانًا لضرورة وجود توقيع الوزير المختص!

الثاني؛ نقل كل الجهات الحكومية بالكامل، وهذا يعود علينا بالاستفادة من المباني الحكومية الحالية بإعادة بيعها لصالح الموازنة العامة للدولة، وما يمكن أن تدره من دخل كبير، ولكن في المقابل يتطلب هذا الحل، توفير وسائل مواصلات جيدة تنقل الموظفين لمقار أعمالهم بشكل سلس، نظرًا لبعد العاصمة الإدارية الجديدة عن القاهرة و ضواحيها.

وفي السياق نفسه، يمكن التفكير في نقل جامعتي القاهرة وعين شمس لأماكن أخرى تبعد قليلاُ عن الحيز العمراني، هل تتخيل عزيزي القارئ عدد طلاب الجامعتين، وكذلك عدد أعضاء هيئة التدريس والإداريين، الذين يتوجهون يوميًا للجامعتين وما يمكن أن يمثل نقلهم من تخفيف العبء على كاهل القاهرة الكبرى!

إنها أفكار أطرحها من أجل التفكير في مستقبل القاهرة الذي يحتاج لدراسة مستفيضة ومتأنية من أجل إخراجها من حالة الاختناق الدائم الذي تعيش فيه على مدى الساعة.

فالمتأمل لحالها في إجازة عيد الأضحى المبارك يسعد برونقها وهدوئها الذي يتمنى أن يستمر لفترة أطول، والأمر لا يحتاج إلا لبعض التخطيط والتنظيم، خاصة أن الدولة قطعت أشواطًا رائعة في مجالات موازية مثل العشوائيات التي اقتربت من القضاء عليها؛ وهو أمر كنا نظنه عسيرًا.

بما يعنى أننا قادرون على إعادة الحياة للقاهرة، ولنأخذ من مظهرها في العيد دافعًا قويًا للتفكير في مستقبلها.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.