الرشوة هي واحدة من الأمراض الاجتماعية الخطيرة والمنتشرة في العديد من الدول وليس في مصر وحدها، وهي الداء العضال والمرض الفتاك في المجتمع الذي يقلب الموازين ويغير الحقائق ويحدث الظلم والعدوان والجور، حيث إن الرشوة تقلب الموازين وتجعل الباطل حقًا والحق باطلاً وتعود أهم أسبابها الرئيسية إلى ضعف الوازع الديني لدى بعض الأشخاص وانخفاض مستوى المعيشة.
ولقد وجه جهاز الرقابة الإدارية عدة ضربات ناجحة خلال الفترة الأخيرة ضد الفساد والرشوة بالقبض على عدد من الأشخاص، منهم من يتولون مناصب كبيرة وحساسة في الدولة سواء وزير أو محافظ ونائب محافظ وغيرهم، ولقد كان لهذه الضربات مردود إيجابي على غالبية الشعب المصري بأنه ليس هناك أحد فوق القانون لو أخطأ، وأنه ليس هناك أي تعتيم إعلامي على أي مسئول كبير مهما كان منصبه، ضبط برشوة، مثله مثل أي موظف صغير أو مواطن ارتكب نفس الجرم، وأن القانون أصبح سيفًا على رقبة الكل بالعدل والقسط، وبلا شك يعود ذلك إلى الصلاحيات التي منحها الرئيس عبدالفتاح السيسي لجهاز الرقابة الإدارية بتطهير أجهزة الدولة من الفساد، واتخاذ الإجراءات القانونية دون النظر لأي اعتبارات للمكانة أو المنصب للمرتشي أو الرائش.
ولكن حتى تستكمل العبرة والعظة للمجتمع والناس من إعلان هذه الجرائم التي ضبطت، فلابد أن تكون المحاكمات سريعة وناجزة؛ بحيث يتم تشكيل دوائر مخصصة بالمحاكم للنظر في هذه الجرائم لسرعة صدور الأحكام، وأيضًا في الوقت نفسه لو أن هناك أبرياء يتم الإفراج عنهم ولا يقبعون خلف القضبان على ذمة القضية شهورًا طويلة، حيث يترتب عليها تحطم نفسيتهم ومعاناة أهلهم وعائلاتهم من كلام الناس الجارح وتجريسهم وسط أهل بلدتهم، وأيضًا لابد من إصدار تشريعات تغلظ العقوبات في جرائم الرشوة.
وللحد من هذه الظاهرة لابد من اختيار الموظفين في المناصب العليا بناءً على حسن سيرتهم وسلوكهم وأخلاقهم، واتباع سياسة الرجل المناسب في المكان المناسب، وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين الناس، وتكافؤ الفرص، وتحسين الأوضاع المالية للموظفين، وتوفير أسس الحياة الكريمة لهم، وأخيرًا لابد لأجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني من توعية الناس وإبراز عقوبة الرشوة في الدنيا والآخرة، وتذكيرهم دائمًا بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- ورواه البيهقي (أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) ونعوذ بالله من النار وما قرب إليها من قول أوعمل.
[email protected]