لم يشفع وجود نقطة إطفاء بالقرب منه، في احتواء الحادث سريعًا، ويبدو أن حريق الموسكي الأخير، الذي ألهبت نيرانه هواء الحي الشعبي على مدار 3 ساعات، لن يكون نهاية الكوارث التي ستتعرض لها منطقة العتبة، التي لا تسلم من تكرار الحرائق، والتي لا تفرق نيرانها بين "بضاعة" بائع جائل، أو تاجر سيطه ذائع.
موضوعات مقترحة
حرائق وسط العاصمة
حريق المول التجاري الكائن بـ 6 جوهر القائد، في مطلع الأسبوع الجاري، لم يكن الأول من نوعه، ويبدو من تكرار الحوادث، أنه لن يكون الأخير، فالمول المكون من دور أرضي وخمسة أدوار متكررة، جعلته النيران كالهباء المنثور في وجه الرياح.
حادث الحريق في مول جوهر القائد، أعاد للأذهان حريق شارع "نجيب" منذ ما يقرب من العامين، والذي عُرف بالحريق المُخرب، فقد أكلت النيران محالًا تجارية، قدرت محتوياتها بالملايين وقتها، وتم الدفع وقتها بـ 14 سيارة لإطفائه، وشاركت القوات المسلحة في الإطفاء، لاستمراره على مدار أكثر من 3 أيام، إلا أنه بعد مرور أسبوع واحد فقط على إطفائه، أعقبه حريق آخر في نفس المنطقة، التهمت عقارات تراثية قديمة هناك.
مسئولو محافظة القاهرة، أرجعوا أسباب الحريق في وسط البلد، وخاصة في منطقة العتبة، إلى انتشار الباعة الجائلين، الذين يفترشون بضاعتهم متلاصقة بمنطقة العتبة، دون أدنى فواصل تسمح بدخول سيارات الحماية المدنية، للإسراع بإطفاء أي حريق ينشب في تلك المنطقة التجارية، وهو مشهد تكرر أيضًا في حريق فندق "الأندلس" بنفس المنطقة.
مسئول بالمحافظة يفجر مفاجأة
اللواء محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة، أفصح لـ"بوابة الأهرام" عن مفاجأة من العيار الثقيل، وهي وجود مناطق أخرى بالعاصمة، معرضة لتكرار مثل تلك الكوارث، مشيرا إلى أن المنطقة الغربية بالقاهرة، من أكثر مناطق العاصمة التجارية، وتمثل مركز ثقل التجارة الداخلية للعاصمة خاصة، وللجمهورية عامة.
وأضاف نائب محافظ القاهرة، أن حيى وسط القاهرة والموسكي، التابعين للمنطقة الغربية، يعدان من أكثر أحياء العاصمة التي تضم العديد من المحال التجارية، لافتا أن حي وسط وحده به 31 شياخة، كلٍ منها يسمى بالمهن التابعة لها، مؤكدا أن معظمها معرض لحوادث الحرائق.
الحرائق ليست الكابوس الأكبر
الحرائق ليست الكابوس الأكبر للمنطقة، ولكن محاولة إطفائها هي الأصعب، يتابع نائب المحافظ، لافتا إلى وجود مناطق ضيقة المساحة، قد تتعرض لمثل هذا الحريق، كالأزهر وخان الخليلى والنحاسين والقماشين، والسروجية والخيامية والبطانية، ودرب السعادة، والمناصرة، ودرب البرابرة، والحمزاوي الصغير والكبير والغورية.
وأشار إلى امتلاء شوارع عبدالعزيز والبياضية والعشماوى، بالبازارات، ومحال بيع الذهب، ومستلزمات الستائر والخشب والمفروشات والأختام والكروت، والأحذية، والأدوات الكهربائية، ومعظمها خامات تساعد على اشتعال الحريق، ناهيك عن تواجدها في شوارع ضيقة، يصعب وصول قوات الحماية المدنية وعربات الإطفاء عند وقوع الحوادث.
هذه المعلومات المخيفة عن تلك الأسواق، التي تكتظ يوميا بعشرات الآلاف من المواطنين، تثير الفزع، وتقض المضجع، عند التفكير في كابوس حدوث كارثة مفجعة في تلك المنطقة، ليصبح من المناسب الآن، أن نطرح على نائب المحافظ سؤال مفاده، وكيف تؤمنون هذه الأسواق؟.
الحل الوحيد لمنع تكرار الكوارث
عبدالتواب أكد لـ"بوابة الأهرام"، أن لكل مشكلة قد توجد حلول عدة، ولكن لأسواق العتبة لا يوجد سوى حل وحيد غير قابل للنقاش والجدل، وهو نقل أسواق حي وسط القاهرة إلى خارج العاصمة.
وأشار نائب محافظ القاهرة، إلى وجود دراسات ومقترحات لم تخرج للنور بعد؛ لنقل مثل هذه المناطق التجارية، منعًا لحدوث مثل هذه الكوارث، لافتا إلى أن المؤكد نقله حتى الآن من هذه الأنشطة، هو محلات وورش الخشب، من وسط العاصمة إلى منطقة القطامية.
تقاعس المسئولين
استشاري هندسي – طلب عدم ذكر اسمه- أكد لـ"بوابة الأهرام"، أن معظم عقارات القاهرة الخديوية أو التراثية القديمة المنتشرة فى أحياء عابدين والموسكى والأزبكية، معرضة لمثل هذه الكوارث، نظرًا لتحويل معظمها لمخازن ومكاتب، تحوي بضائع ومنتجات تساعد على اشتعال النيران، مع افتقادها لعوامل السلامة المدنية، لافتا إلى تحول عمارات بشارع رمسيس إلى مخازن لـ"إطارات السيارات"، وهى مواد تساعد على الاشتعال، وتتكرر بها حوادث الحريق، دون أي تحرك من مسئولي محافظة القاهرة لنقلها أو إخلائها.
وأضاف الاستشاري، أن بعض هذه المخازن بها بضائع لا تقدر بثمن، ومع ذلك لا يصرف أصحابها على ترميم المباني التي تحافظ على تلك الثروات، رغم مرور أكثر من 100 عام على إنشائها، الأمر الذي يستدعي تدخلاً فوريًا من الجهة المحلية ممثلة في محافظة القاهرة، والجهة الأمنية ممثلة في شرطة الحماية المدنية، لوقف أو نقل هذه الأنشطة من هذه المناطق.