رحل نهار الأربعاء وبدأ الليل في الولوج؛ كعادة كل الأيام؛ وكانت إحدى السيدات تقود سيارتها ومعها طفلتها؛ عائدة لمنزلها؛ برغم أن الظلام كان دامسًا؛ إلا أنها كانت تسير بالسرعة اللائقة بطريق لا يوجد به أي أعمدة إنارة؛ لتتفاجأ بوقوع سيارتها بالكامل؛ في حفرة عميقة!
هكذا وبلا مقدمات؛ السيارة تقع بهذه الحفرة؛ والسيدة بلا حول ولا قوة؛ لولا ستر الله؛ كانت تسير بالقرب منها سيارة؛ واكتشفت الواقعة؛ لتحاول إنقاذها؛ وهو ما تم بفضل الله.
حدث ذلك في منطقة زهراء المعادى؛ وهى تابعة لحى البساتين؛ وهنا يطرح السؤال التالي نفسه؛ من المخطئ؛ السيدة التي كانت تقود سيارتها في طريق يحوطه الظلام من كل اتجاه؟ أم الحي؛ الذي لم يتعامل مع هذه الحفرة بشكل هندسي مضبوط؛ بحيث لا يُعرض أي شخص للأذى بسببها؟
أم أن هناك جهة أخري مسئولة عن هذا الإهمال؟
وإذا كان السير في هذا الطريق غير آمن؛ فلم يتم السماح بمرور السيارات فيه؟ وماذا لو أودت هذه الحادثة بحياة السيدة وطفلها لا قدر الله؛ هل كان سيمر الموضوع مرور الكرام؟
كلها أسئلة مشروعة تبحث عن حل؟
وهذا يحيلنا لملف المحليات؛ وما به من إهمال جسيم؛ تخطى حدود المنطق بشكل واضح؛ وإلى متى يستمر هذا الإهمال؛ هل حياة الناس باتت هينة على المسئولين لهذه الدرجة؟
كلنا نشاهد أعمال حفر في الشوارع؛ لأسباب عديدة منها تركيب خطوط التليفونات؛ أو الغاز الطبيعي.. إلخ؛ ونشاهد أيضًا عودة الأمور لوضعها المنضبط أحيانًا؛ وأحيانا يعانى الناس من ويلات هذه الأعمال شهورًا طويلة بلا ذنب اقترفوه؛ وقد يمر المسئول على هذه الأعمال؛ مثله مثل باقي المواطنين؛ ولكن قد تلهيه كثرة مشغولياته عن متابعة ما يجري على الأرض؛ لتظل معاناة الناس مستمرة؛ مع أن إعطاء الأمر بالحفر؛ يقابله تعهد بإعادة الشيء لأصله؛ ومع ذلك قد لا يعود!
لقد دقت هذه الحادثة ناقوس خطر كبير وخطير؛ وهو بمثابة جرس إنذار شديد؛ يوضح ما وصل به حال المحليات؛ استهتار بحياة الناس بشكل مفزع؛ فالأداء الجيد للأعمال ونهوها بشكل سليم أصبح أمرًا غير معتاد؛ وأضحى العكس هو الطبيعي.
لو حصرنا عدد الحُفر الموجودة في شوارعنا؛ قد يُصيبنا الفزع من كثرتها؛ أضف إليها التكاسُل والتباطؤ في إنهاء الترميمات المطلوبة؛ كما قد نلاحظ عدم وجود أغطية للبلاعات؛ أو رمي المخلفات بها؛ ليُفجر أزمة بالصرف الصحي؛ وأمورًا أخرى كثيرة متشابهة.
وللأسف المسئولية عن شوارعنا تتفرق بين جهات عديدة؛ منها المحليات والمرور وغيرها؛ لذا لو حاولت تحديد المسئول سيستغرقك الأمر لبرهة طويلة؛ وقد لا تعرف في النهاية!
ما الأقل كُلفة ترميم هذه الحُفرة أم تركها بهذا الشكل، وتعريض حياة الناس للخطر؛ ومن يحاسب المُقصر على سوء أدائه لعمله؛ ومتى؟
قد نسمع مبررات من عينة؛ أن الموازنة لا تسمح؛ وأننا نفعل أقصى ما في وسعنا في ضوء الإمكانات المتاحة؛ ولكن في مثل هذه الحالة المُشار إليها؛ كان لابد من اللجوء لأحد أمرين؛ الأول إحاطة الحُفرة بمانع واضح وقوي؛ يمنع سقوط أي شيء فيها؛ حتى لو حيوان.
الثاني؛ لو تعذر هذا الحل؛ في ظل عدم وجود أعمدة إنارة؛ يكون غلق الطريق تمامًا؛ لأنه غير آمن على المارة.
أما ترك الحابل على النابل بهذه الكيفية؛ فيؤدي إلى فقد الناس لما يملكون؛ وقد تكون أرواحهم؛ أكتب هذه الكلمات لتكون صرخة مدوية عل المسئولين؛ يسمعونها؛ ويحركون سواكنهم؛ ليتداركوا هذه الكوارث؛ حتى لا نصحو على كارثة تدمي قلوبنا بلا داع.
[email protected]