Close ad

الولاية الثانية والإنسان المصري

2-6-2018 | 16:45

بشكل مباشر وواضح، حدد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته الشاملة والعميقة أمام البرلمان، منهج وأجندة عمل فترة رئاسته الثانية، منهج أعمدته مشيدة على المصارحة والشفافية، والتصدي الشجاع والجريء للتحديات الداخلية والخارجية، والعمل الدؤوب المخلص المجرد من الأهواء والنزعات الشخصية، وأنه لا تراجع عن مسيرة الإصلاح ومحاربة الفساد وتجفيف منابعه، وتحقيق السلم الاجتماعي، وأن الوطن يتسع للجميع باستثناء المخربين والإرهابيين والمتطرفين.

وفي القلب من برنامج عمل الولاية الثانية يقع بناء الإنسان المصري، الذي سيكون صاحب الحظوة والأولوية في السنوات الأربع المقبلة.

إن استهلال الرئيس السيسي ولايته الثانية بالتركيز على ملفات التعليم والصحة والثقافة، والمحافظة على الهوية الوطنية الخالصة، يمثل تطورًا وتدرجًا طبيعيًا ومنطقيًا لمجريات الأحداث في البلاد، فمعركة البقاء كانت على أشدها إبان سنوات الولاية الأولى، وكان من المحتم تثبيت دعائم وركائز الدولة المصرية التي تعرضت لمحاولات لا تنقطع حتى الآن من قوى بالداخل والخارج لهدمها، حتى تدب الفوضى والعشوائية، وينتعش أهل الإرهاب والتطرف الذين يتخذون من الدين سلعة يتاجرون بها في الأسواق، ويوهمون البسطاء والبلهاء أن شراءهم لها سيدخلهم جنات النعيم.

في موازاة هذه المعركة الشرسة التي عاصرنا عن قرب فصولها ومنحنياتها، منذ أن أطاح الشعب المصري بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، خاض المصريون ومعهم القيادة السياسية المرحلة العاجلة والدقيقة لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار، ولم يكن هناك مهرب من بدء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية المؤلمة والقاسية لإعادته لنقطة التوازن، فلا مجال ولا متسع لسياسة المسكنات التي لن تجدي نفعًا، وسيكون ضررها أضخم وأشد من فائدتها.

وفي سبيل هذه الغاية السامية - الإصلاح - تحمل الشعب بثبات وصلابة النتائج المترتبة على تنفيذ السياسيات الإصلاحية التي لم يكن لها بديل آخر، على الرغم مما حملته من مرارة وآلام صعبة للغاية، تحملها بصبر وجلد لإدراكه أن العُسر سيعقبه اليُسر، وأنه سيحصد الثمار الطيبة لتضحياته الكبيرة والمتنوعة لاحقًا، لذلك حرص الرئيس على دعوة الموجودين بالقاعة للوقوف دقيقة تقديرًا واحترامًا لهذه التضحيات المقدمة من المواطن، والقوات المسلحة، والشرطة المدنية.

وأظن أن الرئيس السيسي أراد إيصال رسالة للمواطنين أن وقت الفرج بات قريبًا، وأنه سيرى ما يسره ويسعده خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، خاصة أننا عهدناه يفي دائمًا بوعوده، وأن الدولة المصرية ستبذل كل ما بوسعها لتنفيذ تعهداتها على الوجه الأكمل، بشأن بناء نظام تعليمٍ راقٍ؛ يفرز كوادر شابة متمتعة بمقومات ومقدرات الكفاءة، وتطلق العنان لأفكارها وإبداعاتها الخلاقة، بدون قيود بيروقراطية تلجمها وتجهضها، لكي يتحرر البيت المصري من كوابيس الثانوية العامة والدروس الخصوصية؛ التي ينفق عليها المصريون سنويًا قرابة 30 مليار جنيه، ويكون خريج المدرسة والجامعة إضافة للمجتمع، وليس خصمًا من قوته وانطلاقته المستقبلية، وعبئًا يبحث عن وسائل ناجعة للتخفف منه.

ويأمل المواطن - وذاك حقه - في رؤية منظومة صحية لائقة تعطيه خدمات على أفضل وأرقى مستوى ممكن بدون طوابير انتظار، أو استغلاله من قبل بعض الكيانات الصحية الخاصة في مختلف المحافظات، ورعايته الرعاية المستحقة في مرضه، وأن يتم إعداد العناصر البشرية المؤهلة للعمل بمستشفياتنا؛ سواء كانوا أطباء أو ممرضين وغيرهم، وهو ما يسعى الرئيس السيسي لتحقيقه بشتى السبل الممكنة، وفي إطار قدرات وظروف الدولة المعلومة للجميع.

وتكتمل عملية بناء الإنسان المصري كمحور رئيسي للولاية الثانية للرئيس السيسي بالبعد الثقافي المنوط به الحفاظ على الهوية الوطنية المعرضة لعبث ومهاترات الفوضويين والمتشددين، وعدم التنازل عن ثوابت تلك الهوية التي يمكن إجمالها في مبادئ التسامح وعدم التمييز، وأنه لا مكان للطائفية وبث الفرقة، وأن الجميع يقف على قدم المساواة، وأن مجتمعنا كان دومًا حاضنة كبيرة للتنوع وقبول الآخر.

ولنتفق معًا مبكرًا على أن العمل على الملفات الثلاثة سالفة الذكر ليست مهمة الدولة بمفردها، وأنها مسئولية المجتمع بمختلف فئاته وقطاعاته، فالأحزاب لها دور وعليها الاضطلاع به، ومعها القوى المدنية، فعليها مساندة الدولة في هذا الاتجاه، وأن يقدم الجميع ما لديهم من تصورات تؤدي لبناء إنسان مصري أفضل، لأننا في النهاية بمركب واحد.

لقد اختتم الرئيس السيسي كلمته بإشارة إلى أن أروع أيام الوطن ستأتي قريبًا، وهي بشارة بأن المواطن سيرى ما يبهجه ويدخل السرور على نفسه، وأن الشدة تنفرج رويدًا رويدًا، وأن وطننا يدعونا ويحثنا على العمل الجاد، والتفاني من أجله؛ لنجني الخير للبلاد ولأنفسنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: