ليس هناك أفضل من شهر رمضان لكي يتقرب المسلم فيه إلى الله بصلة رحمه، ابتغاء مرضاته وعظيم ثوابه، إذ يجب أن نتواصل مع أرحامنا بالزيارة والصلة والسؤال والصدقة وإصلاح ذات البين، وإذا انشغل أحدنا بعمله، فلا أقل من أن يصل رحمه بمكالمة تزيل ما يكون قد علق بالنفس، وتدحر الشيطان، وتفتح أبواب الخير، فرمضان فرصة عظيمة لفتح صفحة جديدة مع أرحامنا، وتصحيح مسارنا فى الحياة.
لقد دعا الإسلام إلى صلة الرحم وحث عليها، فهو يربي المسلم على الإحسان إلى الأقارب، وإيصال الخير إليهم، ودفع الشر عنهم، ويقول تعالى في ذلك: "وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى".
ويقول رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ فَهُوَ لَكِ".
وصلة الرحم لها صور متعددة، منها: زيارة الأرحام، وتفقّد أحوالهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وصلة القاطع منهم، والتصدق على فقيرهم، وخص الرسول الصدقة على الأرحام بقوله: "إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ، وَإِنَّهَا عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: "صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ"، وأولى الأرحام بالصلة الوالدان، ثم من يليهما من الأهل والأقارب.
وهناك أجر كبير وثواب جزيل من الله لمن يصل رحمه، فإن من أعظم ما يجازي به الله واصل الرحم في الدنيا، أن يوسع له في الرزق، ويبارك له في العمر، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
وتعد قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، وقال عز وجل لمن يقطع رحمه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ".
إنها دعوة لنا جميعًا بأن نصحح مسارنا تجاه رحمنا، بأن نصلهم؛ سواء أقاموا بيننا جسور التواصل أو قطعوها، وفى ذلك يقول رسول الله: "لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا".