شهر رمضان مدرسة لتربية النفوس، وتهذيب القلوب، ففيه يمنع المسلم نفسه عن كل الشهوات المباحة وغير المباحة، ويواجه متاعبه بالصبر، ويتقى الله في كل خطوة يخطوها، فمن يمتثل لأوامر الله في أداء الواجبات والتكاليف في هذا الشهر يسمو بنفسه عن اتباع الهوى والشهوات، ويكون أقدر على مواجهة الفتن والمغريات، فهو شهر جهاد النفس وتربيتها، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"، ومن ثم يستطيع المرء الانتصار على هواه وشهواته ويغيّر واقعه، ولا يحرم نفسه من فرصة الرجوع إلى الله في هذا الشهر الفضيل.
إن رمضان مدرسة للأخلاق وتهذيب السلوك، وهو شهر الطهارة والنقاء والصفاء والمحبة والوئام، وما أعظم شعار (إني صائم) الذي يطهّر القلب من الغل والحقد والخصال السيئة، وكم هو رائع أن يضبط الصائم جوارحه وأعصابه، فالصوم يعلمه الحلم والأناة، وكلما كان صادق العزم وخالص النية، كان الله معه، فليستعن بما أعانه به لقوله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ".
ورمضان يربي الإنسان على الجود والكرم ، وكان الرسول "صلى الله عليه وسلم" أجود ما يكون في رمضان، وفي ذلك دعوة إلى الانتصار على النفس، والإنفاق في سبيل الله، فالمال تحبه النفوس وتأبى مفارقته، ولا يقوى عليه إلا من تخرّج في مدرسة الصبر واليقين .. إنها مدرسة رمضان.