تشهد محافظة مطروح حالياً بداية موسم "الجلامة" -جز صوف الغنم- وهو يعد محفلاً تراثياً اجتماعياً اقتصادياً تشهده محافظة مطروح، حيث يعتبره مربو الأغنام عيداً وموسما سنويا، يبدأ في الربيع فى أول شهر مايو ويستمر لمدة شهر قبل فصل الصيف.
موضوعات مقترحة
"الجلامة" وتعنى عملية قص أو جز الصوف عن الأغنام، من خلال متطوعين يطلق عليهم في التراث البدوي "الرغاطة"، وهم من الأقارب والأصدقاء والجيران؛ لمساعدة مالك الأغنام، حيث توزع بينهم المهام ما بين (الجلام - الصراع - الضمام - الفكاك).
جز صوف الغنم
وتتم "الجلامة" للأغنام لسببين، الأول، ارتفاع الحرارة بالصيف، وعدم وجود الظلال فى المراعي، وهو ما يجعل الأغنام تشعر بالظمأ الشديد، فتشرب المياه بكمية أكثر من الأكل، وهو ما يؤثر على أوزانها بالسلب، تتأثر أسعارها تبعا لانخفاض وزنها.
والسبب الثانى، لتسهيل "الظروبة"، وهى عملية الإنجاب، وتزايد أعدادها لدى المربيين ومالكي الأغنام، وغالباً ما تكون "الجلامة" لإناث الخراف "الحوليات"، وبعض الذكور الكبار، أو ما يعرف بـ"الكبش"، وهو يوم يكون بمثابة العيد لما له من طقوس احتفالية فى العادات البدوية الأصيلة، فيتم توزيع الدور ليوم الجلامة بين مالكى الأغنام بالاتفاق كل على حسب الوقت المناسب لكل منهم.
جز صوف الغنم
ويعلن المتطوعون للمشاركة فى الجلامة، وتتم دعوة بعض الأقارب من دولة ليبيا؛ للمشاركة فى يوم الجلامة، وغالباً ما يكون المتطوعون "الرغاطة" من الشباب، الذين تبدأ أعمارهم من 18 عاما؛ لأن عملية "التجليم" مرهقة، وتحتاج إلى مجهود عضلى لا يقوى عليه الأطفال ولا كبار السن.
وتنصب الخيام البدوية "البيت" فى مكان بعيد عن مهب الرياح، لأن حرارة الجو تسهل عملية "التجليم"، وتبدأ العمليات مبكراً فى تمام السادسة صباحا، وتوزع فيها المهام على المتطوعين، فمهمة "الصراع" الإمساك بالشاة من مكانها، وتكتيف أقدامها الأمامية والخلفية عكس بعضها، ويسلمها لـ"الجلام" وهو من يقوم بعملية جز الصوف عن الشاه، وعند إتمام الجلامة، يأتى دور "الفكاك" الذى يفك الشاه ويعيدها إلى القطيع، وأخيرا يقوم "الضمام" بلم الصوف وضمه.
جز صوف الغنم
في التاسعة تقريباً، يتم تقديم الإفطار للجلامة، وهى وجبة شهيرة في المجتمع البدوي، تعرف بـ"المفروكة"، وهي وجبة مكونة مكونة من خبز رقيق "مجردق" ساخن، وتمر وزبدة، بالإضافة إلى اللبن الرايب أو المالح، وأثناء المجلم يقوم الشباب بما يعرف بـ"التقذير".
"التقذير" عادة يتم خلالها ترديد بعض الأشعار البدوية "القذّارة"، وعادة يكون الجلام "قذّار"، مثل غناء العلم ولكن بصوت أقل ارتفاعا من الغناء، وعنده درايه بقذاذير الجلامة التى تتخذ من الضأن والرعي رمزًا للتعبير عما بداخل الجلام من أحاسيس ومشاعر.
جز صوف الغنم
وقد تكون "القذّارة" رسالة خاصة لشخص معين حاضراً للمجلم، مثل سؤال القذارة لأحد الحضور عن موضوع حساس، وبانتهاء القذّار من إلقاء "قذّارته" تطلق بعض الأعيرة النارية الاحتفالية.
ثم يأتى موعد ما يطلق عليها "كرامة الجلامة"، ويحدد لها وقت الظهيرة، حيث يقوم مالك الغنم بذبح عدد من الأغنام، أمام "الرغاطة"، والتي تتكون من اثنين أو ثلاثة على حسب عددهم، والضيوف وتطهى لتقدم كوجبة غداء لهم، ويشترط توافر كميات اللحوم بكثرة، تقديرا للمشاركين فى "الجلامة" لأنهم لا يتقاضون أجرا مقابل قيامهم بالتجليم لأصحاب الأغنام.
تستخدم فى عملية "التجليم"، أداة تشبه المقص، كبيرة الحجم، تسمى "جلّم"، وتوجد أيضا "المكنة"، وهى أحدث قليلاً وتستخدم لنفس الغرض، وهو قص الصوف عن الأغنام وكلاهما يحتاجان إلى مجهود عضلى كبير، حيث تنتج الرأس الواحدة ما يقرب من كيلوجرامين من الصوف، حيث يتم تجميع الكمية بكاملها، ثم تنقى وتفرز من القطع المتكتلة أو المعيوبة، وغالبا هى قطع الصوف الموجودة فى المنطقة الخلفية للأغنام، أومنطقة "اللية".
جز صوف الغنم
وبعد فرز الصوف الجيد، يتم شطفه أوغسله بالماء، ويترك ليجف جيدا، ثم يتم غزله إلى خيوط؛ لصنع المنسوجات الصوفية المحلية كـ"اللحاف والمخدات والأكلمة)، والصوف قابل للتخزين لفترات طويلة، بدون أن يتأثر طالما تم تجفيفة جيدا.
ويقدر قنطار الصوف البالغ وزنة 45 كيلوجرام بسعر 200 جنيه تقريباً.
جز صوف الغنم جز صوف الغنم