Close ad

هلاوس امرأة.. آه لو تعرف!!

12-4-2018 | 00:22

منذ عرفت الحروف واللغة واستطاع لساني أن ينطق بالكلمات، وأنا أجادل أبي في أمور عديدة، أكثرها تكرارًا هو من منا يحب الآخر أكثر، فكان يقول لي إنه يحبني جدًا، وكان ردي دائمًا أني أحبه أكثر، فيرد عليَّ بالتالي إنه يحبني أكيد أكثر، وهو ما كان يثير غضبي جدًا وأصر إصرارًا شديدًا على أن حبي له أكبر وأكبر.

كان هذا النقاش يتكرر يوميًا، وكان أبي من حين لآخر يوضح لي على سبيل التهدئة، أو هكذا ظننت وقتها، بأني لن أصدق مدى حبه لي، وأنه حقًا يحبني أكثر مما أحبه، إلا عندما أكبر وأنجب أبناءً أحبهم أكثر من أي شخص غيرهم.

وقد كان، كبرت وتزوجت وأنجبت، وأحببتهم - بما لا يدع مجالا للشك - أكثر من الدنيا وما عليها؛ بل إني أصبحت أكرر عليهم ما كان يقوله والدي، وأروي لهم أن نفس النقاش كان يدور بيني وبين "دودو"، كما يطلق أبنائي على جدهم.

الحق يقال إني صدقت ما كان يقوله أبي لفترة زمنية لا بأس بها، فعلا نحن نحب أبناءنا أكثر من أنفسنا أحيانًا، تلك هي الطبيعة البشرية، نضيف إليها المسئولية والعشرة، منذ كانوا مجرد "مشروع" في أحشائنا، مرورًا بالذكريات اللحظية التي لا تنتهي، بالإضافة إلى "تعبنا" فيهم فالغلاوة لها مقاييس.

لكن الحقيقة أن حبي لأولادي - برغم أنه مسيطر على عقلي وقلبي - لم ينافس حبي لأبي الذي يسكن الروح بلا منازع.

بمرور الوقت والخبرات والعلاقات اكتشفت أنه سيطر على حياتي - دون أن يعلم - برغم أنه صاحب الفضل عليَّ في كوني شخصية حرة وقوية منذ نعومة أظافري؛ لكنه أثرني بتلك المعاملة وبهذا الحب غير المشروط.


أعلم أنك لا تقرأ إلا الجرائد الورقية، وربما لن تقرأ هذا المقال، لكني سأقولها لك علك تلمس كلماتي، آه لو تعرف أني أحببتك حبًا لن تستطيع تصوره، آه لو تعرف أن ما كنت تقوله لي زمان ليس حقيقيًا، نعم أنا أحب أبنائي بجنون؛ لكني سأظل مصرة أني أحبك أكثر حتى لو أحببتني حب الدنيا، أنا أيضًا أحبك أكثر، ولا تحاول أن تغير قناعتي، للأسف لن تسعفني الروايات والكلمات؛ لأشرح لك كل تفصيلة محفورة في عقلي وروحي، وكيف أعيش بها.

هكذا هو حبي لصغاري وحبي لك، أنا أعيش لهم لكني أحيا بك أنت.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: