تبدأ رحلة التقديم لمرحلة رياض الأطفال أو الكي جي، في الفترة من شهر ديسمبر من العام الماضي وتنتهي عند شهر أبريل من العام الدراسي الجديد، بأصعب الخطوات والتي تتمثل في البحث عن مدرسة مناسبة للطفل، ومن ثم تصاحب ذلك معاناة المقابلة أو الانترفيو، حيث يواجه الطفل ذو الأربعة أعوام أو أقل بسيل من الأسئلة لا تناسب عمره، أو حتى درجة تفكيره.
موضوعات مقترحة
وتتنوع معاناة أولياء الأمور مع أسئلة الانترفيو الهزلية، والتي تتضمن نوعية أسئلة قد يراها البعض مضحكة كالسؤال عن سكن ولي الأمر أو انفصال الأم عن الأب، أو الطريقة التي يعامل بها الوالدان أبناءهم، حيث تم رفض طلب التحاق طفلة لأنها ذكرت في اللقاء أن والدها يضربها، أو أخرى ذكرت أن والدتها مطلقة، أو آخر بسبب أن والده يعمل في مهنة دون مستوى المدرسة الاجتماعي.
وبخلاف أسئلة الانترفيو ومقابلة المدرسة التي لا تخلو من تعال وكبرياء، هناك الخطوة الأهم وهي المادية، حيث تتقاضى تلك المدارس سعرا للانترفيو الذى يختلف من مدرسة لأخرى، بحسب ما إذا كانت ناشونال أو دولية، أو خاصة عربي، في الوقت الذي لا يستطيع ولي الأمر سحب المبلغ الذي قد يصل إلى 2000 جنيه من خزينة المدرسة مرة أخرى، في حالة رسوب طفله ورفض طلب التحاقه.
وفي هذا التحقيق تستعرض "بوابة الأهرام" ما يتم خلال المقابلة أو الإنترفيو، وحقيقة المبالغ التي يتم دفعها مقابل ما يسمى بـ"أبلكيشن" التقديم، وما هو رد وزارة التربية والتعليم وما هو دورها لمنع ذلك.
شكوى أولياء الأمور
واشتكى بعض أولياء الأمور من المعاناة المستمرة التي يخضعون لها كل عام بسبب التقديم لأبنائهم وصعوبة القبول في المدارس التجريبية واللغات والخاصة فضلاً عن شروط المربع السكني الذي يقف عقبة للالتحاق بالمدارس الحكومية ذات المستوي الجيد، هذا بالإضافة إلى التعنت في شروط القبول واجتياز الاختبارات، في الوقت الذي ترى فيه إدارات المدارس أنه من حقها اختيار الأطفال الذين يتوافقون مع شروط المدرسة واختباراتها.
وقالت خلود خلف ولى أمر لـ"بوابة الأهرام": لقد عزمت على التقديم لابنتي في إحدى المدارس الخاصة والتي تبعد عن المنزل بمسافة كبيرة، مشيرة إلى أنها كانت مضطرة لأنها مدرسة جيدة السمعة من الناحية التعليمية.
وأضافت أنها ذهبت في الميعاد المحدد للتقديم، وقامت بدفع رسوم استمارة التقديم " الأبلكيشن" والذي بلغ 1000 جنيه، قائلة: تقدمت ابنتي إلى الاختبار وكانت النتيجة الرفض والسبب هو "مكان السكن" مبررين ذلك بكونه منطقة عشوائية لا تليق بمستوى المدرسة.
وقالت شيماء محمود تقدمت لابنتي البالغة من العمر عامين ونصف العام، بطلب للالتحاق بمرحلة البري سكول بإحدى المدارس وهي التي تسبق الكي جي، لافتة إلى أن سبب رفضها لأن كلامها غير واضح، متسائلة أليس هذا عادي لمن هم في مثل سنها.. "أمال هما هيعلموها إيه"؟
وأوضحت نجاة رشاد لقد تم رفض ابنى في إنترفيو إحدى مدارس اللغات ويبلغ من العمر ثلاث سنوات وذلك لعدم استطاعته الإجابة على سؤال المدرسة باللغة الإنجليزية والذي كان عن الألوان وجاءت إجابة ابني "أنا مش فاهم ومش هجاوب عليكي".
وأردفت الأم قائلة: إن المدارس تختار الأطفال "متعلمين جاهزين" حتى لا يبذلون معهم جهدا كبيرا، لذا يتم رفض الطفل الذي لا يستطيع الإجابة على الأسئلة التي من المفترض أنه سيدرسها في الكي جي، بل في الصف الأول الابتدائي.
الأم مطلقة والطفل شديد الحركة أسباب للرفض
وأشار عمرو كمال ولي أمر، إلى أنه قام بإجراء المقابلة الشخصية لابنه عند طلب التحويل بأحد مدارس اللغات بمنطقة حدائق القبة، وقاموا باختباره و قد اجتاز الاختبار بدرجات مرتفعة، لكنه فوجئ بعدم قبوله وذلك بسبب أن الطفل لديه فرط في الحركة..
و تساءلت رشا أحمد هل الحالة الاجتماعية للأم معيار لاختيار وقبول الأطفال بالمدارس؟، مردفة أنا مطلقة وتم رفض ابنى بالرغم من اجتيازه للمقابلة وإجابته على الامتحان، لكن الإدارة أبلغتنى بعدم قبوله نظرًا لحالتي الاجتماعية فهل هذا معيار ؟.
دنيا على قالت: تم عدم قبول ابنتي البالغة من العمر أربع سنوات عند التقديم برياض الأطفال بسبب أن الطفلة لا تستطيع القراءة وغير ناضجة، بحسب رد المدرسة على الأم عند سؤالها عن سبب الرفض، واستنكرت الأم قائلة: طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات كيف تكون ناضجة؟..
بينما أشارت بسمة مخلوف ولية أمر، إلى أننا نعانى من النظام التعليمي ووصفته بـ" العقيم"، فلا يوجد بأي نظام تعليمي في دول العالم يقوم باختبار أطفال من عمر ثلاث سنوات، مضيفة إلى استناد هذه المقابلات بالعنصرية البحتة متسائلة أنا جابية أولادي مدرسة ليه طالما عارفين كل حاجة، المدرسة هنا دورها إيه؟.
والمدارس تبرر شروطها
وأوضحت أماني وجدي نائب مدير بمرحلة التعليم الإعدادي والثانوي بإحدى المدارس الدولية لـ"بوابة الأهرام: في حالة عدم قبول الطالب المتقدم في جميع المراحل التعليمة سواء رياض أطفال أو الابتدائي أو إعدادى أو ثانوى سواء في حالة التقديم أو التحويل من مدرسة أخرى، يقوم ولي أمره باسترداد القيمة المالية المدفوعة لاستمارة التقديم، مضيفة أن من أهم المعايير والأسس التي نستند عليها هى درجات الاختبار.
وأشارت إلى أن أحد شروط الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال اجتياز الاختبار بنسبة 98% وإذا لم ينجح الطالب في الاختبار بالرغم من تأكيد وإصرار ولي الأمر على أنه متجاوب ولكن لديه رهبة أو تخوف نطلب منه شهادة من الحضانة التي التحق بها لتأكيد ذلك أو إعادة الاختبار مرة أخرى مع منحه فترة زمنية كافية.
ولفتت وجدي إلى عدم وجود أي عنصرية عند قبول الطلاب بالمدرسة ولكن في حالة أن الأم مطلقة عليها إحضار ما يفيد بأحقية ولايتها التعليمة على الطالب، وحددت وجدي أن الحالة الوحيدة التي لا نقبل بها الطالب هي السلوك، فعند وجود شقيق للطالب المتقدم بالمدرسة وتوجد ملاحظات على سلوكه من قبل الإدارة نقوم برفضه وعدم قبوله.
وقالت إحدى مديرات المدارس الخاصة، إننا نضع معايير وأسس لقبول الطلاب في مرحلة رياض الأطفال " الكي جي" ومنها ملاحظة قدراته وحركته واستيعابه باختبار للقدرات الذهنية مثلا كـ" تكمله لرسومات ناقصة"، مضيفة أننا لا نقبل أطفال المتلازمة، وهذا لوجود مدارس متخصصة لهم، فكل مدرسة لها طريقة معينة وأسس لاختيار طلابها فمدارس اللغات لها معايير، والمدارس الخاصة لها معايير ومدارس الأنترناشونال لها معايير.
ولفتت إلى أنه من أهم المشكلات التى تواجهنا كإدارات للمدارس هي عدم اعتراف ولي الأمر بمشكلة إبنه، سواء إذا لاحظ عليه فرط الحركة أو المتلازمة مع التأكيد أنه على ما يرام ولا يوجد ما يعيق قبوله.
وزارة التربية والتعليم ترد
قال أحمد خيري المتحدث الرسمي بإسم وزارة التربية والتعليم: إن هناك نظاما جديدا سوف يتم التعامل به في التعليم الخاص، للقضاء على أي تجاوزات خاصة بالمصروفات والأبليكيشن و"اليوني فورم"، من خلال إلغاء التعاملات المالية بين المدارس الخاصة وأولياء الأمور، وهذا النظام يجري إعداده حاليا، وسط تأييد واسع من مختلف الجهات المعنية والمرتبطة بالتعليم الخاص.
أضاف لـ"بوابة الأهرام" أن عدم حصول ولي الأمر على ما دفعه من مصروفات خاصة بـ"الأبليكيشن" غير قانوني، وسلوك مرفوض من جانب الوزارة، مؤكدا أنه "يجري التفكير في أن يكون هذا المبلغ جزء من مصروفات المدرسة للطالب إذا تم قبوله، على أن تتم إعادته للطالب إذا لم يلتحق بالمدرسة، لكن الوزارة بحاجة إلى ما يثبت دفع ولي الأمر أي مبلغ للمدرسة، حتى تتسنى لها محاسبة المدارس إذا رفضت تطبيق اللوائح".
وناشد المتحدث بإسم الوزارة، أولياء الأمور بالإبلاغ عن أي تعاملات مالية غير منصوص عليها في القرارات الوزارية المنظمة للتعليم الخاص، والتمسك بالحصول على إيصال دفع، حتى تتمكن الوزارة ولجانها أن تعيد الأموال إلى ولي الأمر مرة أخرى، إذا لم يتم قبول الابن بالمدرسة.