من سيقبل رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي وهو يفكر في الكرسي الذي كان قد جلس عليه أي ممن سبقوه، أو أن يرى في هذا المقعد "مصلحة خاصة " أو "مجدًا شخصيًا" فهو خاطئ ولن يتقدم به خطوة للأمام.. فالمقعد الذي كان قد جلس عليه الراحلان كمال الملاخ عام 1976 كرئيس لجمعية كتاب ونقاد السينما المؤسس الأول للمهرجان، ثم الكاتب الكبير سعد الدين وهبة الذي أرسى قواعد لمهرجان مصري ثم عربي ودولي، وحقق في خلال رئاسته له ما لم يستطع غيره ممن أتوا بعده تحقيقه، من استقلالية والاعتماد على مصادر تمويل غير حكومية، والتفكير بعقلية المهندس والمدير الشاطر.. ليس مجرد رئاسة لمهرجان سينمائي محلي يكرم عددًا من النجوم ويعرض بعض الأفلام ..
فقبل تكريم حسين فهمي بمهرجان الإسكندرية في الدورة الماضية التي حملت اسمه، جمعنا أنا والكاتبين الصحفيين الأمير أباظة ومحمد قناوي لقاء بصفتنا أعضاء مجلس إدارة جمعية كتاب ونقاد السينما التي تشرف على مهرجان الإسكندرية.. وكان فهمي واضحًا بأن العودة لمهرجان القاهرة السينمائي مهمة صعبة وتحتاج إلى مقومات وتمويل أكبر بكثير؛ مما كان يتم توفيره للدورات السابقة، وتراجع حسين فهمي حتى عن فكرة رئاسته للجنة التحكيم لدورة مهرجان القاهرة السينمائي الماضية، لكنه عاد وقبل المهمة بضغط من صديقيه ماجدة واصف ويوسف شريف رزق الله، وشعوره أن هناك دافعًا وطنيًا بالمشاركة في إنقاذ المهرجان.. وقبل حسين فهمي المهمة خاصة بعد دخول قناة "دي إم سي" راع للدورة.. وظل فهمي مترددًا في قبول منصب الرئيس للمهرجان..
حسين فهمي استشار مقربين منه، وواضح جدًا أنه درس فكرة قبول منصب كهذا من عدمه، لأن وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم كانت قد عرضت عليه المنصب منذ أول أسبوع لتوليها الوزارة، لكنه لم يرفض في البداية، وأجرت لجنة المهرجانات تصويتًا داخليًا وطرحت أسماء منها حسين فهمي، ليلى علوي، طارق الشناوي، شريف مندور.. وبرغم إن تصويتًا داخليًا صب في مصلحة حسين فهمي، حتى إن العاملين في مقر مهرجان القاهرة السينمائي أعدوا العدة لاستقباله لأن حالة تفاؤل انتابت الجميع بقدومه، فهو خلال رئاسته لدورات سابقة كان صديقًا للجميع، وقريبًا من أكبر وأصغر موظف حتى عامل البوفيه، وتعد دوراته الأربع من أنجح الدورات.. وكما كانت الأزمة المالية هي السبب في تقديمه استقالته على المسرح لوزير الثقافة فاروق حسني.. كان من المتوقع أن يرفض المهمة لنفس الأسباب..
هو يعلم أن المهرجان مكبل حاليًا بديون، لم تصرف بعد لعدد كبير ممن عملوا بالدورة الماضية، وهو لايريد أن يرث ديون دورة ليس له ذنب في ديونها؛ لأن مالا يعرفه كثيرون هو أن الدكتورة ماجدة واصف ورثت مديونيات دورة الراحل سمير فريد، ووقعت عليها، وواجهت أزمات لا حصر لها، وحسين فهمي لن يرث همًا ثقيلًا ـ فكل ما قيل عن ملايين الرعاية وما دفعته "دي إم سي" غير صحيح، فالمحطة الفضائية، لم تدفع لإدارة المهرجان ما أشيع عنه من ملايين؛ بل هي حصلت على بث حفلات المهرجان حصريًا، واستقبلت النجوم الأجانب وسجلت معهم لصالحها حصريًا، وحصلت على مكاسب تفوق ما دفعته في المهرجان..
وحسين فهمي عندما رفض رئاسة المهرجان كان قد وضع نصب عينيه كل هذه الأمور.. ومن ثم لا يريد أن يرث تركة ثقيلة، وهو في هذه المرحلة من العمر، إلى جانب مهام كثيرة يقوم بها.
والمرشح الأقوى حال اعتذار ليلى علوي، هو المخرج شريف مندور، المدعوم من الدكتور خالد عبدالجليل، وهو قد يكون الأفضل بعد اعتذار النجمين الكبيرين؛ لأنه بعيدًا عن كونه سينمائيًا هو يجيد أكثر من لغة وخريج مدارس الليسيه، ومعهد السينما بعد بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، وعمل مع يوسف شاهين مساعدًا.. لكن تبقى الأزمة هي من سيمول المهرجان، ومن سيفك اشتباك أزماته المالية!