منذ أن اكتشفت أن لدي موهبة الكتابة، بدأت أتصور نفسي - وأنا مازلت طفلة صغيرة - أنني سأكون يومًا ما كاتبة كبيرة ومفكرة عظيمة، وزاد الأمر توهمًا وخيالا، بعد أن قرأت عددًا كبيرًا من الكتب، بالإضافة إلى مقالات الرأي اليومية الشهيرة، وعلى رأسها مقالات لأنيس منصور، ومصطفى أمين، وسلامة أحمد سلامة، وأحمد بهاء الدين.. لم تتوقف أحلامي عند هذا الحد، بل بدأت تكبر وتتسع، وتمنيت أن أؤسس يومًا ما دار نشر.
وبما أن الكتابة كانت ومازالت أسلوب تعبير عن الأفكار والمشاعر في آن واحد، تصورت يومًا أنه سيكون لي مقال رأي يومي ثابت بالصفحة الأخيرة بجريدة الأهرام العريقة، وسط عمالقة الفكر والأدب.
بدأت أبحث عن عنوان لهذا العمود؛ الذي سيكون نافذتي لمخاطبة القراء، وبعد تفكير بسيط، اخترت عنوان "دعوة للحب"، وقبل أن يذهب العنوان بكم إلى أماكن وأفكار بعيدة، أحب أن أوضح أن هذا العنوان لا يعبر عن العلاقات العاطفية، ولا المشاعر الرومانسية، وإن كان واردًا التطرق لها إن لزم الأمر، لكن الأصل وراء هذا العنوان الذي اخترته - ومازلت متحمسة لفكرته في العموم، وليس فقط كمجرد عنوان لعمود رأي - هو أن الدنيا كلها تدار بالحب، يمكننا أن نحافظ عليها أو نعدلها، أو حتى نغيرها مادامت لدينا نية صافية نابعة من حب شديد.
يحبنا الله فيرحمنا، وينعم علينا، ونحبه سبحانه وتعالى، فنطيعه طمعًا في رضاه لا خوفًا من عقابه؛ لذا نجتهد لنكون دائمًا رسلًا لما تعلمناه من الديانات السماوية.. حبنا لوطننا هو دافعنا للحفاظ عليه، لأن نحكم عقولنا قبل مشاعرنا؛ من أجل النهوض به وإصلاح كل سلبي فيه.. الحب أيضًا يغير مستقبل الإنسان، إن أحب أمرًا اجتهد؛ فنجح وتفوق فيه، حبنا للآخر يساعدنا على التسامح والتعاون والإصلاح.
قد يبدو هذا الكلام عامًا خاليًا من الجانب المادي الملموس الذي يدلل على الفكرة، لكن التفاصيل الكثيرة التي تندرج تحت هذه الأفكار العامة لا حصر لها، أي شأن في حياتنا اليومية لو تعاملنا معه بحب شديد نقي خال من المصالح الشخصية سنجد له مخرجًا أو إصلاحًا، لو تعاملنا مع أي أمر بنفس قدر وكيف مشاعرنا مع أبنائنا (الأب هو الوحيد الذي يحب يشوف ابنه أحسن منه) لنجحنا في إحراز تقدم ملموس أو على الأقل لشعرنا بالرضا؛ لكوننا على الطريق السليم.
هل كل أب يربي أبناءه ويعلمهم لمجرد شعوره بالمسئولية، أم لأن هذا واجبه فقط ؟! لولا الحب ما كان الإنسان، من المؤكد أن تحمل المسئولية هو السبيل لإتمام أي عمل؛ لكن الحب وحده قادر على إتقانه، نعم يكاد يكون الحب هو الذي يدفع الكرة الأرضية إلى الدوران.
وبما أن تلك هي قناعاتي فمازلت أنادي بالحب؛ لإنجاز أي عمل، لتغيير تاريخ البشرية، وصلاح الكون، فناشر السلام بين البشر قادر على إنقاذ العالم.. أدعوكم جميعًا للحب.