Close ad

الأحلام المشروعة

18-1-2018 | 00:16

قرابة العقود السبع المنقضية؛ داعبت الأحلام خيالات الناس؛ تارة تدغدغ مشاعرهم؛ وأخرى تقلق مضاجعهم؛ وبرغم أنها بلا سقف؛ كما هي طبيعة الأحلام؛ إلا أن سقفها ظل يترنح بين الارتفاع والهبوط بشكل عجيب؛ حتى جاءت أوقات عديدة تسلل اليأس إلى النفوس وسكنها؛ وأضحت الأحلام سرابًا؛ سرعان ما يزول حينما تقترب منه.

ومع تفاوت قدورها؛ بين الحصول على كوب ماء نظيف؛ من صنبور المياه؛ بدلا من اللهث وراءه؛ وتكبد معاناة الحصول عليه؛ أو وجود أربعة جدران تستر الجسد، ولا يهم إن كانت من عبوات الصفيح؛ وارتضوا بالسماء سقفًا لها؛ إلى أن ييسٌر الله الحال؛ مرورًا بالحصول على لقمة تعين المعدة صبرًا على الجوع؛ وصولًا لتوافر عمل يدر دخلًا لسد أبسط الاحتياجات؛ ومنها الأمراض التي نهشت أجساد الكثيرين؛ كانت أحلام الغلابة!

تخيلوا أن وجود أدنى درجات الحياة كانت أقصى طموحات البعض! وبرغم ذلك ظلت أحلام؛ عهود وأنظمة تغيرت تبدلت فيها الأحوال؛ وأيضًا تبدلت فيها الأحلام؛ حتى الأنين؛ كان مكتومًا وصار مسموعًا؛ وكذلك تغيرت ردود الفعل من الإعراض عن الناس؛ لسماع أنينهم؛ والعمل على احتوائهم.

اليوم هناك واقع جديد، شروق مختلف جاء بعد غروب طويل؛ يأتينا برؤية واضحة المعالم؛ فمثلا؛ كان الاهتمام بالبيئة فى مصر من الرفاهيات؛ التي تتذيل الأولويات؛ وكانت السحابة السوداء ضيفًا دائمًا علينا؛ يجيء كل عام في الخريف يكدرنا؛ ويصيبنا بالاختناق؛ وتعايش الناس معها؛ وتحملوا ويلاتها مجبرين؛ فهل يعقل أن تنال مكافحتها؛ جهدًا؛ الأجدى توجيهه لشأن آخر!

اليوم اختفت السحابة السوداء؛ لأول مرة منذ سنين كثيرة؛ كما اختفت آثارها؛ وعاد للسماء صفاؤها؛ بفضل جهود مثمرة؛ وإرادة فاعلة، زد على ذلك نجاح رائع في محاربة فيرس سي؛ بشكل مبهج؛ لدرجة جعلت بعض وسائل الإعلام الدولية؛ تتحدث عن هذا الإنجاز؛ وتؤكد أن كثيرين يسعون للسفر لبلدنا؛ لنيل العلاج من هذا المرض اللعين؛ نظرًا لانخفاض تكلفته وفعاليته!

هل وصل الأمر ليشد الناس الرحال لمصر؛ لتلقي العلاج بأسعار زهيدة؟ نعم هكذا أضحت صورة مصر الذهنية لدى بلدان كثيرة؛ قدرة على العمل ومقدرة على النجاح!

قريبًا سيكون الوصول لسيناء؛ أكثر راحة ويسرًا؛ بعد شق الأنفاق الضخمة؛ في إنجاز سيتحدث عنه التاريخ طويلًا؛ ليغزو التعمير الزراعي والصناعي والحضاري؛ أحد أهم بقاع مصر سحرًا وجمالاً؛ وليشاهد أهلها رعاية تأخرت كثيرًا؛ واهتمامًا يليق بقدرها ومكانتها.

عاجلاً؛ تدخل مصر النادي النووي؛ لتحقق حلم طال انتظاره عشرات السنين؛ لننتج طاقة نظيفة وآمنة تنقلنا إلى أفق مرتفع؛ أفق يجعل الأجيال المقبلة متميزة قيمة وقامة.

أضحى للغلابة مسكن يؤويهم؛ بعد أن كانت العشوائيات ملجأهم؛ هل شاهدتم حي الأسمرات؟ أحد النماذج الحية على الاهتمام بالبسطاء؛ بخلاف ما يتم تنفيذه الآن لحل مشكلات الباقين.

أمس تم افتتاح محطة معالجة الصرف الصحي بكيما أسوان؛ بعد أن كانت كيما أحد العلامات المميزة لللامبالاة بما تحمله الكلمة من معن؛ وفي أقصى الشمال يتم التخطيط بعناية لتحويل مطروح لبيئة جاذبة للاستثمارات؛ بتخطيط واع وبعمل مضن؛ وعلى نفس الشاطئ؛ البحر الأبيض في بركة غليون بكفر الشيخ؛ تحولت نقطة هروب الشباب للهجرة غير الشرعية؛ إلى أهم مزرعة استزراع سمكي في إفريقيا؛ موفرة آلاف فرص العمل؛ بالإضافة إلى السعي لسد الفجوة في إنتاج الأسماك.

والآن يتم التخطيط؛ لربط مدينة أكتوبر بالجيزة؛ بخطوط المونوريل؛ بالإضافة لخطوط أخرى؛ تمتد من مدينة العين السخنة على ساحل البحر الأحمر؛ للعلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط؛ وربطها مع محطة سكة حديد الإسكندرية.

الحديث عن المشروعات المنجزة؛ والمقرر تنفيذها مستقبليًا؛ طويل وممتد؛ ولكنه حديث مفعم بالأمل؛ ومتصل بالعمل؛ ويكفي أننا نستطيع بثقة ويقين؛ أن نحلم؛ بل وأن تبلغ أحلامنا المدى؛ بعد أن ظلت الأحلام رفاهية لايستطيع أغلبنا مجرد ابتغائها.

ومع ذلك؛ ووسط هذه الإنجازات؛ بات من حقنا الطموح نحو تذليل عقبات تحقيق النجاح؛ فلا يعقل أن يظل الفساد جاثمًا على مقدراتنا؛ خاصة بعدما أطلق الرئيس العنان لهيئة الرقابة الإدارية؛ لتجتزه دون رحمة؛ لذلك كان القبض على محافظ المنوفية بتهمة تلقيه الرشوة؛ دليلا على قوة المواجهة؛ وحافزًا لنتكاتف كل بقدره لمحاربته؛ بعد أن استنزف طاقات وأهدر قدرات؛ فقد آن أون الحساب.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.