Close ad

أطفال لا يعرفون النوم!!

16-1-2018 | 00:16

تحتضن مريم الصغيرة بقايا عروستها، وتتأمل والدها من بعيد وهو يرفع الألواح الخشبية، وسعف النخيل، ليبني سقفاً فوق أنقاض جدران من الحجارة، وأخواها باسم ذو الخمسة أعوام، وربيع الشقيق الأكبر، وعمره أحد عشر عاماً، يعاونان أباهما في البناء، والأم أمام حطام منزلهما الجديد توقد النار على ما تبقى من طعام أمس، وفي لحظة يدق قلب مريم دقات متسارعة، يكاد أن ينخلع من صدرها على إثر سقوط قذيفة تتطاير بها أجساد أسرتها أمام عينيها، وتقع عروستها من بين يديها، وتهرول نحو أنقاض البيت، وتصرخ قائلةً وسط الغبار، لن أراهم مرة ثانية مثل خالتي وعمتي وأولادهما، وإذا برجلٍ يمد إليها عروستها المحطمة، ويذهب بها بعيداً ليجلسها وسط عدد من الأطفال، يشاركونها الألم ونظرة يأس نحو مصير مجهول.

وأنت تشاهد هذا الواقع المرير لهؤلاء الصغار، تظن أن باستطاعتهم عودة الروح من جديد لبلدهم الميت، وهم بداخلهم يتساءلون بأي ذنبٍ قتل أمهاتنا وذوونا؟ وبأي ذنبٍ نشرد وتوأد ضحكاتنا؟ ولماذا الجميع أتي من شتى بقاع الأرض ليسرق أرضنا، ويبيع أجسادنا في أسواق النخاسة؟

وأمتنا العربية هي الوحيدة التي تمتلك الإجابة عن هذه الأسئلة، ولا يحق لها أن يجيب غيرها عليها، فقد يطيل أملها في انتظار يقظة الضمير العالمي من سباته، فالغرب منذ عدة سنوات يعقد المؤتمر تلو المؤتمر، ثم يبعث أحدهم بطائراته ليلقي بالبارود، ولا يفرق بين طفل ولا شيخ، وآخر يرسل بجنوده ليحافظ على مصالحه، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم، ووسط هذه المهاترات تصرخ منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، إن مستقبل ملايين الأطفال ممن ظلوا على قيد الحياة بات معلقاً في الهواء.

وأشارت المنظمة إلى إصابة هؤلاء الأطفال بأمراض نفسية عصية، كالرعب من النوم، حتى لا يستيقظون على أصوات قذائف الطائرات والرصاص، فضلاً عن تعرضهم للاكتئاب والتوتر، والعجيب أن عالمنا العربي احتفل منذ شهور قليلة بيوم الطفولة العالمي مع احتفالات الدول الغربية، التي تحرص وتخطط بصفة مستمرة لتطوير نظم الرعاية والتعليم لأطفالها منذ ولادتهم، لأن الإحصائيات لديهم أكدت، أن كل دولار تستثمره مثلا "أمريكا" في رعاية الطفولة، يعود عليها بعائد يصل إلي 11 دولاراً في المستقبل، أما في الاتحاد الأوروبي، فاستثمار يورو يعود عليه بفائدة 7 يورو.

ولذا تمنح "السويد" مرتباً شهرياً لكل طفل حتى بلوغه الـ16 عاماً، وفي "الدنمارك" يتقاضى الآباء والأمهات الذين يعتنون بأطفالهم رواتب تصل إلى 2200 يورو سنوياً للطفل الواحد، وفي "ألمانيا" يخصص 215 يورو شهرياً لكل طفل.

ووطننا العربي لديه القدرات والآليات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تؤهله لفرض الاستقرار على شعوب تلك الدول، وإنقاذ أطفالهم من الانهيار والتسول على موائد الغرب، ومحاولة احتواء جيل كامل من أن يتحول إلى قنبلة تنفجر داخل المجتمع العربي بكامله، وتزيد على كاهله أعباء مواجهة "داعش" وأخواتها، ويدور في دائرةٍ مفرغة من الإرهاب، على يد جيل تربى وعيونه لم تر إلا الدماء والأشلاء والخراب، جيل فقد الحنان والنصيحة المخلصة، جيل يبحث عن طعامه من بقايا القمامة، ويأكل من خشاش الأرض، ومع أول من يلقي إليه الدرهم أو الدولار سيرتمي في أحضانه، وإن كانت رغبته سلب عرضه وأرضه ودينه، فهذا "نتينياهو" يشمت بعد مذابح "حلب" العام الماضي بالأسلحة الكيماوية، ويخرج على التلفاز الإسرائيلي، ويتعاطف مع أطفال "سوريا"، ويرحب باستضافة البعض منهم.

وأثبتت التجربة مع مرور العقود، فشل استجداء الغرب في حل مشكلاتنا، والنتيجة غالباً بعد طول انتظار، تفاقم في الأزمة، وسقوط المزيد من الضحايا، وانسحاب آثارها السلبية على الأمة بأسرها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
ضميرهم يمنعهم من الالتحاق بالجيش الإسرائيلي

يتساءل الشباب الإسرائيلي الرافض للتجنيد في الجيش الإسرائيلي عن كيفية مطالبة الفلسطينيين بالعيش في سلام معنا، وفي نفس الوقت الجيش الإسرائيلي يدمر منازلهم

الأمل يعالج 615 مليون شخص

روشتة نجاحك بدون معاناة من القلق والتوتر، وتتجلى أولى خطواتها في أن تنظر بداخلك، وتحاول امتلاك انفعالاتك، وضبط نفسك، ثم السيطرة على وقتك، واعلم قبل تطبيق

فوائد المخدرات للعدو والرأسمالية

استطاعت اليابان السيطرة على الصينيين قبل الحرب العالمية الثانية، واستخدمت اليابان في ذلك سلاح المخدرات، وغزت الصين بأقل جهد وأقل تكاليف، وبواسطة المخدرات

مليار فقير يناشدون أصحاب الحيوانات الأليفة

مليار فقير يناشدون أصحاب الحيوانات الأليفة

روبوت غبي وعديم الأخلاق

لا تسلم على طول الخط بقول أن الروبوت والتكنولوجيا أفضل من أداء الإنسان، وأن دورك في مجالات الحياة بدأ يتلاشى، وقد كشف تقرير للإذاعة البريطانية الـ BBC

نار الغيرة

"ومن الحب ما قتل"، ولكن الحقيقة الغيرة هي المحرض للقتل، وإذا تأججت في الصدر تشوش على العقل وتعطل التفكير، غير أنها غاية ضرورية لاستمرار الحب، بل أحد العوامل

الأصل في كراهية الإسلام

الأصل في كراهية الإسلام

النجاة في الصداقة

لا يمكنك الشعور بالأمان وأنت تعيش في عزلة، وبما أنك تؤمن أن "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود"، فلابد من يقينك بمقولة "الصديق وقت الضيق"، ولذا كان حتما

الجمال وجهة نظر

للمطرب الجميل محرم فؤاد أغنية قديمة، تقول أول كلماتها: متلونيش خدودك ما تلبسيش حلق ـ. دا انتي بطبيعتك من أجمل ما خلق، وكلما سمعتها تصيبني حسرة، وأتمنى

وظائف توفر حلم الثراء للشباب

أظهر لنا البحث في هذا الملف عن وجود طريق وحيد ومختصر للحصول على وظيفة، وكذلك لتحقيق ثراء سريع، وهو يتيح أيضا لأي دولة امتلاك استثمارات ضخمة، وتكشف إحصائيات

فوائد الصيام عن السعادة

لا يوجد شخص عاقل في الدنيا يرغب في تجنب أسباب الشعور بالسعادة، غير أن الواقع يؤكد ظهور بدعة جديدة، أطلق عليها العلماء الصوم عن السعادة، ويسير على خطواتها

الرؤية .. الوسيط لإبراهيم

ما كانت رؤيا إبراهيم - عليه السلام - بذبح إسماعيل سوى امتداد لنهج الخليل خلال سيرته، وكانت الرؤيا بالعين نقطة الانطلاق في رحلته الإيمانية، كما جاء في قوله