Close ad

مفاوضات سد النهضة.. تعنت إثيوبي وتمسك مصري بـ"حق الحياة".. هل يحل لقاء السيسي وديسالين خلاف البلدين؟

18-1-2018 | 11:00
 مفاوضات سد النهضة تعنت إثيوبي وتمسك مصري بـحق الحياة هل يحل لقاء السيسي وديسالين خلاف البلدين؟سد النهضة
أحمد سمير

جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، سيتابعها المصريون دون غيرهم من شعوب دول حوض النيل الشرقي باهتمام بالغ، فالزيارة الحالية لرئيس الوزراء الإثيوبي هالي مريام ديسالين إلى القاهرة، تحمل بين طياتها ما هو جدير بالمتابعة، بعد 6 سنوات من "الجدال" دون الوصول لنتيجة.

موضوعات مقترحة

بنبرات التنبيه يصدح صوت مصر، أن نهر النيل هو شريان حياتها الوحيد، ورغم يقين الدول الإفريقية هذه الحقيقة التاريخية، إلا أن إثيوبيا جحدت بها ظلمًا، ببناء أكبر سد مائي في إفريقيا، على النيل الأزرق، المصدر الرئيس لمياه المصريين.

ورغم هذه الحقيقة الواضحة كالشمس في كبد السماء، لا تخجل إثيوبيا التي تحتضن 12 حوض نهر داخلي، بفروع تنتشر كـ"شبكة شرايين" على أراضيها، أن تعلن تعنتها الدائم، تجاه قضية سد النهضة بشكل خاص، وجولات المفاوضات بشكل عام، كان آخرها عندما أعلن وزير المياه والري الإثيوبي، الدكتور "سلشي بقل"، أمام البرلمان الإثيوبي، "أن المفاوضات الجارية حول السد مع دول المصب لا تشهد تغيرًا في الموقف الإثيوبي، وقد بلغت نسبة تنفيذ السد 63.87 %."- بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

بدائل إثيوبيا

الدكتور السيد فليفل، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، أوضح في تصريحات سابقة لـ"بوابة الأهرام"، أن إثيوبيا لديها منظور مختلف لنهر النيل، بأن لها السيادة المطلقة على كامل مجرى النهر، وأنها تعتبره نهرًا داخليا، وكاشفًا أن الرأي العام الإثيوبي متعاطف مع المصريين في قضيتهم العادلة، فيما يختص بمياه نهر النيل.

وأكد رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، أن إثيوبيا لديها بدائل عديدة لتوليد الكهرباء، مثل الإنتاج من طاقة الرياح، أو استخدام الطاقة المائية لأحواض الأنهار الداخلية وفروعهم العديدة، التي تستطيع أن تتحكم فيها كيفما تشاء، وهناك الطاقة الجوفية، إلا أنها أصرت على إقامة مشروعها، على النيل الأزرق.


سنوات طويلة من التفاوض
رغم أن المصريين ينظرون إلى جولة المفاوضات الجديدة على أرض القاهرة بعيون الأمل، إلا أنها تعيد للأذهان، سنوات طويلة من المفاوضات، ضاعت دون التوصل لاتفاق، بدأت في ظرف دقيق مرت به مصر، إبان ثورة يناير في عام 2011.

فقد استغلت إثيوبيا الظرف الدقيق التي كانت تمر به مصر، بعد ثورة 25 يناير، وأعلنت في 31 مارس 2011، توقيعها على عقد إنشاء السد بقيمة 4.8 مليار دولار، وأسندت أعمال الإنشاءات إلى شركة "سالينى" الإيطالية، وفى 2 إبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق "مليس زيناوى" حجر الأساس.

المحطة الأولى للمفاوضات

مرت المفاوضات على محطتها الأولى في مايو 2011، عندما أعلنت إثيوبيا عن مشاركة مخططات السد مع مصر؛ لدراسة مدى تأثيره على دول المصب، وفى الفترة من أغسطس حتى نوفمبر 2011 تم الاتفاق على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار السد بعد زيارات متبادلة بين الجانبين.

لجنة الخبراء

بعد عام "كامل" على وضع حجر أساس بناء السد، وتحديدًا في مايو 2012 بدأ عمل اللجنة التي تم الاتفاق على تشكيلها، وضمت10 خبراء، اثنين من كل دولة (مصر - السودان - إثيوبيا)، بالإضافة إلى 4 خبراء دوليين، في مجالات، هندسة السدود (ألماني)، تخطيط الموارد المائية والنمذجة الهيدرولوجية (جنوب إفريقي)، التأثيرات البيئية (فرنسي)، التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية (إنجليزي)؛ لتقييم الآثار المترتبة على بناء السد.

استمر عمل اللجنة عام كامل، لتصدر تقريرها في 31 مارس 2013، بتوصيات تؤكد ضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب.

تقرير لجنة الخبراء

تضمن تقرير اللجنة، تقييم جميع الدراسات التي تقدمت بها إثيوبيا للجنة، والتي بلغت 153 دراسة، منها 103 "رسومات"، و7 خرائط، و43 دراسة مكتوبة، ودراستان عن الآثار البيئية، ودراسة اجتماعية، و7 دراسات عن هندسة السد، و3 عن هيدرولوجيا المياه، و16 دراسة جيولوجية.

وأثبت التقرير النهائي للجنة، أن دراسات التي قدمتها إثيوبيا لم تكن كافية لتقييم آثار السد، ولم تكن ذات صلة أو أنها قديمة، كما لم تثبت الدراسات البيئية والاجتماعية التي تم تقديمها للجنة تأثير السد على دول المصب (مصر، السودان).

بعد حوالي 8 أشهر، وفى نوفمبر 2013 بدأت المفاوضات الفنية بين وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي الثلاثة، للاتفاق على آلية تنفيذ توصيات تقرير لجنة الخبراء الدوليين، إلا أن "قطار المفاوضات" قد تعطل في هذه المحطة، وفشلت المفاوضات، بعد رفض مصر تشكيل لجنة فنية لا تضم خبراء أجانب، وانسحبت على أثر ذلك من المفاوضات، وظل "الجمود" سيد الموقف حتى منتصف 2014.

التدخل الرئاسي الأول

مع تأزم الموقف، تطلب الأمر تدخلًا رئاسيًا لحل الخلاف، وفي يونيو 2014 عقدت قمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي"هالي ماريام ديسالين"، على هامش أعمال القمة الإفريقية، تم خلالها الاتفاق على استئناف مفاوضات سد النهضة، التي بدأت من جديد في أغسطس 2014 بالخرطوم، بتشكيل لجنة من 12 خبيرًا من الدول الثلاث، بواقع 4 خبراء من كل دولة، لبحث آلية القيام بالدراسات الفنية للسد.

وخلال 4 أشهر، من معاودة القطار لتحركه بـ"الدفع الرئاسي"، وصل إلى منتصف الطريق في يناير 2015، ودارت اجتماعات بين الدول الثلاثة لاختيار المكاتب الاستشارية لدراسة تأثيرات "سد النهضة"، والاستعانة بمكتب "كوربت" الإنجليزي للشئون القانونية.

التدخل الرئاسي الثاني

في مارس 2015، كانت محطة مضيئة في المحطات الـ 12 السابقة في تاريخ المفاوضات، عندما وقّع في هذا التاريخ رؤساء الدول الثلاث، على "إعلان المبادئ" في الخرطوم، وتضمن عددًا من البنود أبرزها المحافظة على المياه، وعدم الإضرار بحقوق شعبي المصب في مياه النيل، وعدم رفض التنمية في دول النيل الشرقي، بما لا يضر بحياة شعوب دولتي المصب.

اختيار المكاتب الاستشارية

وبعد شهر واحد فقط، عقد وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي اجتماعًا في أديس أبابا، انتهى باختيار المكتب الفرنسى "بي.آر.إل."، لإعداد الدراسات الفنية لسد النهضة، بمساعدة المكتب الهولندى "دلتارس"، إلا أن 2015 أبت أن تنتهي مضيئة فيما يخص سد النهضة، ليعلن المكتب الاستشاري الهولندي انسحابه من إجراء الدراسات الفنية مع المكتب الفرنسي، معللًا ذلك بأسباب تتعلق بعدم دقة وحيادية الدراسات.

بعد شهر آخر من انسحاب المكتب الاستشاري الهولندي، عقد وزراء مياه الدول الثلاث اجتماعات فنية في القاهرة، انتهت بتحديد موعد جولة جديدة للتفاوض في الخرطوم، بحضور وزراء الخارجية والمياه، إلا أن حضور وزراء الخارجية للاجتماع الذي عقد في ديسمبر 2015، لم يُجدِ، ولم يتم التوصل خلاله إلى اتفاق.

ومع تأزم الموقف، تم الاتفاق على الاجتماع مرة أخرى بالخرطوم بعد أسبوعين، وتم خلال الاجتماع الثاني في الخرطوم، الاتفاق على دخول مكتب "آرتيليا" الاستشاري الفرنسي، بديلًا عن المكتب الهولندي، لتنفيذ الدراسات في فترة لا تتجاوز 11 شهرًا.

فى فبراير من العام 2016، عقدت اللجنة الوطنية لسد النهضة اجتماعها الـ 11 في الخرطوم؛ لبحث العروض الفنية والمالية والقانونية، لتنفيذ الدراسات، والتي تم التوافق حولها، وتوقيع عقود تنفيذ الدراسات في منتصف سبتمبر 2016.

وفي الربع الأخير من 2016، جلست دول حوض النيل الشرقي الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا)، إلى مائدة المفاوضات من جديد؛ للتوقيع على العقد الاستشاري حول تأثيرات سد النهضة، الذي ينفذه المكتبان الاستشاريان "بي.أر.إل" بنسبة تنفيذ 70%، و"أرتيليا" بنسبة 30%، ومن المقرر أن يتم تنفيذها خلال 11 شهرًا.

إعلان فشل المفاوضات

12 نوفمبر 2017، تاريخ سيظل راسخًا في أذهان المصريين، عندما أعلن الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، فشل مفاوضات سد النهضة مع الجانبين الإثيوبي والسوداني.

رسائل الطمأنة التي حاولت إثيوبيا بثها، بعدم الإضرار بمياه المصريين، بعد بناء سد النهضة، لم تجد نفعًا، ولم تتسق مع تعنتها الواضح والدائم، طوال جولة المفاوضات، وهو ما أشار إليه وزير الري، حينما أكد أن هذا الجمود ينسف الجهود التي بذلت للتوصل إلى اتفاق إعلان المبادئ في مارس 2015، الذي كان علامة فارقة على مسار التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا.

ورغم موافقة مصر من حيث المبدأ على التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري، إلا أن إثيوبيا والسودان كان لهما رأي آخر، أطاح بأحلام شعوب النيل في الوصول لتوافق حول المشروعات المائية، بما لا يضر بمصالح الدول المشتركة في استخدام "هبة الرب" لإفريقا - نهر النيل- التي يأمل المصريون أن تتحقق في لقاء الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: