المتحدث الرئاسي ينشر صور الرئيس السيسي أثناء افتتاح البطولة العربية للفروسية العسكرية بالعاصمة الإدارية | إشادة دولية.. الهلال الأحمر يكشف كواليس زيارة الأمين العام للأمم المتحدة والوفد الأوروبي إلى ميناء رفح | قرار من النيابة ضد بلوجر شهيرة لاتهامها بنشر فيديوهات منافية للآداب العامة على المنصات الاجتماعية | الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة | "الحوثيون": استهدفنا مدمرة أمريكية في خليج عدن وسفينة إسرائيلية بالمحيط الهندي بطائرات مسيرة | الطرق الصوفية تحتفل برجبية "السيد البدوى" فى طنطا | الإسماعيلى .. برنامج تدريبي جديد لتجهيز اللاعبين استعدادًا للقاء الأهلي الأربعاء المقبل باستاد برج العرب | رئيس تنشيط السياحة: الخزانة العامة تستفيد بـ 35% من تذاكر الحفلات العالمية بمصر | حزب "المصريين": حضور السيسي فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية رسالة مهمة للشباب العربي | أستاذ علوم سياسية: المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان تزيد من تفاقم الحروب |
Close ad

"خطبة الشيخ" لطه حسين.. رواية تخرج للنور بعد قرن لتثير جدلًا

27-9-2017 | 22:05
 خطبة الشيخ لطه حسين رواية تخرج للنور بعد قرن لتثير جدلًا طه حسين
محمد فايز جاد

يأبى عميد الأدب العربي، د.طه حسين، إلا أن يبقى محط الأنظار ومثار الجدل، حتى بعد وفاته بـ44 عامًا، بعد أن عاد صاحب "الأيام" للساحة الأدبية برواية "خطبة الشيخ" التي نشرت على حلقات منذ 100 سنة تقريبًا، حيث نشرها طه حسين، الطالب بالبعثة المصرية إلى فرنسا آنذاك، في حلقات بمجلة "السفور" ذات التوجه الليبرالي.

موضوعات مقترحة

كانت الهيئة العامة لدار الكتب قد أصدرت مؤخرًا رواية "خطبة الشيخ" للدكتور طه حسين. تقع الرواية في 96 صفحة من القطع المتوسط، وتضم تصديرًا لحلمي النمنم، وزير الثقافة، ومقدمة للدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق.

أثارت خطبة الشيخ أزمة في مارس من العام الجاري، حين نشر الكاتب الصحفي سيد محمود مقالًا في صحيفة "الحياة" اللندنية يصف فيه الاستعداد لنشر "خطبة الشيخ" بأنه ". . . اكتشاف رواية مجهولة لعميد الأدب العربي طه حسين . . .". ويشير محمود، الذي كان يرأس آنذك تحرير صحيفة "القاهرة" التي تصدرها وزارة الثقافة: "وقد يتبين أنها كتبت قبل رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل المنشورة في العام ١٩١٤".

هذا المقال واجه انتقادًا كبيرًا من عصفور، الذي وصف ما كتبه محمود بأنه "تسرع"، وذلك في مقال له نشر بجريدة "الأهرام" في إبريل الماضي يتوقف فيه عن جزئيتين في مقال رئيس تحرير "القاهرة" آنذاك.

أما الجزئية الأولى فهي وصف الأمر بأنه "اكتشاف" قائلًا إنه ". . . لا يدخل فى باب الاكتشافات إلا على سبيل التزوير. . .". وأشار عصفور إلى مقال كان نشره د.أنور مغيث، رئيس المركز القومي للترجمة، حول 3 روايات نشرتها "السفور" كان من بينها "خطبة الشيخ" لطه حسين.

وأما الجزئية الثانية فهي حديث سيد محمود في مقاله حول طرح "خطبة الشيخ" لمسألة ريادة طه حسين في مجال الرواية العربية، في مقارنة بينها وبين رواية "هيكل" التي لطالما وصفت بأنها أول رواية عربية، وهو الأمر الذي يرفضه د.جابر عصفور الذي يشير إلى أن ". . . المختصين في تاريخ بواكير الرواية العربية يعلمون أن الرواية العربية بدأت بمعناها الذي نعرفه مع منتصف القرن التاسع عشر، أي قبل عقود وعقود من رواية محمد حسين هيكل (زينب) التي جعلها المرحوم يحيى حقي بمثابة فجر الرواية العربية. . .".

رد عصفور على مقال محمود يبدو أنه سيكون مؤثرًا على تناول الجمهور للرواية، خاصة أن رواية "زينب" للراحل محمد حسين هيكل ما زال كثيرون يرونها أول رواية عربية، مستندين إلى ما عرف منذ سنوات، وما كتبه الراحل يحيى حقي في كتابه "فجر القصة المصرية".

"وما إن عدت من السفر حتى هاتفنى صديقى الأستاذ حلمى النمنم «وزير الثقافة»، ولم أندهش عندما وجدته غاضبًا مثلى، فنقلت له مشاعرى التى أحسست بها عندما قرأت الخبر، وطلب منى- مشكورًا- أن أكتب تقديمًا لما سوف تطبعه دار الكتب المصرية. . .".

هكذا يقول عصفور في مقاله، وهو ما قد يبرر الاستقالة التي تقدم بها محمود من رئاسة تحرير صحيفة "القاهرة الصحفية"، وكذلك الاستقالة التي تقدم بها د.محمود الضبع، رئيس دار الكتب السابق، من رئاسة الهيئة.

أما عن "خطبة الشيخ" فهي رواية صغيرة الحجم، يقع نصها في أقل من 60 صفحة (57 صفحة بما فيها من صفحات بيضاء) تعتمد على الرسائل، وهي الطريقة التي كان مستخدمة آنذاك في الآداب الأوروبية، حسبما يشير عصفور.

5 شخصيات تضمها الرواية: الشيخ علام الجيزاوي، إحسان (وهي التي تقدم الشيخ لخطبتها)، سيد رحمي (والد إحسان)، أسماء (صديقة إحسان) والشيخ زهران فتح الباب صديق الشيخ علام.

تدور الرواية، من خلال الرسائل المتبادلة بين الشخصيات، حول تقدم الجيزاوي، الأزهري الذي يستعد لتعيينه في القضاء، لخطبة إحسان، المعلمة، من والدها العسكري المتقاعد. وخلال الرسائل يقدم لنا صاحب "دعاء الكروان" وجهات نظر متعددة للقضايا التي كانت تشغل المجتمع المصري آنذاك، وبخاصة أصحاب السفور، حول وضع المرأة والأخلاق، والموقف من مؤسسة الزواج حسب المعطيات التي يوفرها الوضع الاجتماعي والأخلاقي في المجتمع.

هل يقدم لنا الطالب الشاب آنذاك رؤية تحليلية باردة لشريحة من المجتمع المصري، أم أنه يستخدم الشخصيات لطرح وجهة نظره الشخصية وآرائه في هذه القضايا الشائكة؟ هذا السؤال يجيب عنه عصفور الذي يرى أن شخصيات الرواية ". . . دمى أو أقنعة يتحدث من ورائها المؤلف الواحد الذي نسمع تموجات صوته في كل مجال فحسب"؛ وذلك لأننا "لا نجد لهذه الشخصيات وجودًا مستقلًا أو حضورًا متعدد الأصوات".

هذا الرأي يبدو منطقيًا، بخاصة إذا رجعنا لسيرة صاحب "في الشعر الجاهلي" وما يعرف عنه من عداء شديد للأزهر ومشايخه، وهو الأمر الذي ربما ورثه من أستاذه الإمام محمد عبده، الذي دخل في ملاسنات قاسية مع مشايخ الأزهر الذين رموه بأقذع الأوصاف.

يقدم الشيخ علام الجيزاوي، وصديقه الشيخ زهران فتح الباب نموذجين للأزهري، لا يبدو أن أحدهما أفضل من الآخر. فالأول انتهازي يخطب الفتاة لأن والدها يمتلك عددًا من الأفدنة التي تضمن أن نصيب ابنته لن يقل عن ألف جنيه، ويتمنى لو استطاع إقناعه بأن يقف هذه الأملاك دون التقسيم المعروف "للذكر مثل حظ الأنثيين" فيزداد نصيب زوجته.

أما الشيخ زهران، فرغم كراهيته للخداع الذي ينتويه صديقه، فيبدو مثالًا للرجعية والجمود، يفضل المرأة الجاهلة المتدينة على المتعلمة الدارسة للغة أجنبية؛ فهو يرى أن المرأة إذا تعلمت فيجب أن يكون تعليمها "تعلمًا دينيًا لتكون زوجًا" لا "أن يكون سبيلًا لخروجها عليك، واعتقادها في نفسها المساواة لك".

ما تنطق به الشخصيتان الأزهريتان يقدم صورة كانت متداولة لدى كثيرين من معارض الأزهر، الذي سينضم لهم بشدة د.طه حسين، حسبما سنعرف من سيرته بعد ذلك، وهو الأمر الذي يدفع عصفور لأن يرى أن ". . . طه حسين لم يكتب هذه الرواية إلا لكي ينال منها (خصال الأزهريين) ويسخر من شيوخهم. . . ".

هذا من جانب، وعلى الجانب الآخر هناك إحسان وأسماء، اللتان تعلمتا حتى مرحلة متميزة آنذاك، وهي التخرج في مدرسة المعلمات، التي تتيح للدارسات بها تعلم اللغات الأجنبية، ثم تجبرهن على الامتناع عن الزواج، بل العمل بعيدًا عن أسرهن، وهو ما يوفر لنا صورة حول مناخ منفتح يعشن فيه، يبدأ أولًا من الأسرة التي تقبل ذلك.

يقدم طه حسين على لسان إحسان وأسماء رؤيتين للزواج، تشترك كلتاهما في الاعتراض على قوانين الزواج، ولكنهما تختلفان في موقفيهما من مؤسسة الزواج؛ ففيما ترى إحسان أن مصيرها هو الزواج، ترفض أسماء الدخول في هذه المؤسسة شكلًا وموضوعًا، في لهجة من الممكن وصفها بالراديكالية.

ومرة أخرى يطرح د.طه حسين رؤيته المنتقدة بشدة لشخصية الأزهريين وخصالهم، بين أسماء التي ترى أن شخصية الأزهري "لا تصلح إلا لتعيش في القرن الثالث أو الرابع للهجرة"، فيما ترى أسماء أنهم "لا يؤمنون بالله ولا بالشيطان، كما يقول الفرنسيون، وإنما يتخذون من الدين والقديم مسحة يتوسلون بها إلى مناصبهم".

هذا النقد القاسي الموجه للشيخين على لسان أسماء وإحسان يدفع د.جابر عصفور للقول بأنه "من الواضح أن طه حسين يستخدم شخصية "إحسان" كما يستخدم غيرها من الشخصيات؛ لكي ينطق على لسانها ما يريده من نقد للشيوخ"؛ فهو يرى أن "هذا كلام لا يمكن أن تنطقه فتاة في عمر إحسان، حتى لو كانت تقرأ باللغة الفرنسية، وإنما هو كلام طه حسين".

أما شخصية والد إحسان فهي شخصية قد تبدو مترددة بين الجديد والقديم؛ فهو رجل يسمح لابنته بالالتحاق بمدرسة المعلمات مع ما تفرضه من شروط قاسية، ولكنه هو نفسه الذي يقول عن الجيل الجديد: "لست أرضى لنفسي ما نشأ فيه الجيل الجديد من البدع، ولو أن لي أن أستأنف الحياة لما رضيت بذلك العهد القديم بدلًا..."، ولكنه يرى أنه من "خطل الرأي" أن يعرقل مسيرة الجيل الجديد، أو يجعل حياة ابنته مثالًا لحياته.

يسمح سيد رحمي، والد إحسان، لابنته بأن تراسل رجلًا ما زال غريبًا، وإن تقدم لخطبتها، ولكنه لا يرفض عرض ابنته بأن يطلع على الرسائل، مبررًا ذلك بأن "لأني أحب أن أوثر نفسي بما عسى أن يكون في رسائلكما من صائب الرأي وطريف الفكر".

التشكك في صدق هذا التبرير يبدو أيضًا على لسان أسماء، وإن استندنا إلى ما يراه د.جابر عصفور فإن هذا التشكك يدور في رأس طه حسين كذلك، فتقول أسماء: "أعجبني تسامح أبيك، ولكني أحذرك كل الحذر من هذا التسامح؛ فإني أخشى ألا يكون قد اختاره إلا ليتخذه وسيلة إلى إنفاذ أمره من غير أن يضطر إلى قهر أو إكراه".

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة