أجلس أنتظرك كالعادة على الكافتيريا المعتادة التي نتلقي فيها دائمًا أسفل برج أم كلثوم في حي الزمالك القاهري الهادئ. أطلب شايًا، في انتظار طلتك الجميلة من بعيد، وأنت آتية من شارع أبو الفدا، تلك الطلة التي يهفو إليها قلبي وتعشقها روحي. ففي وجودك لا أدرك أي معنى للكلمات. وتتوه من بين كلماتي القليلة الكلمة الوحيدة التي أريد أن أقولها لك دائمًا وأبدًا: "أحبك".
موضوعات مقترحة
أتمنى أن يكون حظي حسنًا اليوم وأن أراك في ذلك المكان المفضل لنا على نيل الزمالك الساحر. سوف أكون تعيسًا جدًا إن لم تستطيعي الحضور اليوم. بكل دقة من قلبي العاشق لك دومًا أتمنى أن أراك اليوم. هل تحسين بي؟ هل تحلمين بي مثلما أحلم بك في اليقظة والنوم معًا؟ هل تغارين علي مثلما أغار عليك من العالم كله، بل حتى من نفسي؟ هل تشعرين بتلعثمي حين أتحدث إليك؟ اعذريني فإنه ليس لساني الذي يتحدث، وإنما قلبي الخافق بحبك دومًا. لا تقلقي من لهجتي القلقة النزقة المتوترة حين أستجمع قواى وأتحدث إليك، يا فاتنتي؛ ففي وجودك يغيب المنطق عن الأشياء، ويسود السحر روحي، وتهرب الكلمات من لساني.
بكل تأكيد تذكرين حديثي إليك، للمرة الأولى، حينها أتتك نبرات صوتي متقطعة مليئة باللهفة والشوق إليك. وعلى الرغم من أنه كان اللقاء الأول بيننا، فإنني أحسست أنك امرأة أعرفها منذ زمن بعيد، أنه ليس أول لقاء لنا، وأنك امرأة تغيب روحي فيها وتسحر وجداني وتسلب كياني كليةً.
عرفت الود، حين عرفتك، ولم تكن روحي تعرفه من قبل ولو مرة واحدة. وعرفت الهوى، حين عرفتك وصرت زبونًا دائمًا على بابه، بل لا أكذبك القول حين أقول إنني بحبك صرت أحد صناعه المبتدئين.
وفي وجودك، أنتصر على العالم، بل أصير أنا العالم، ويدين لي العالم وأصبح أنا سيده. أنت أملي الأخير في هذا العالم. ودونك، أحس أنني لا شيء. وفي وجودك، أحس أنني كل الأشياء. وأنني أنا العالم. لا نصر دون وجودك في حياتي. ودونك الهزيمة دومًا تلاحقني.
فأنت المصير والاختيار والأساس. وأنت أجمل حب في حياتي. وثقتي فيك هي كل أملي في الوصول إلى قلبك والاستظلال بجناته الوارفة والعيش في سعادة بين جبناته والتلذذ بالنعيم في ظلاله. فأنت الحنان.
وسوف أحبك، الحب كله، وحدي، إلى موتي وحيدًا؛ فأنت قدري الذي لم أختره ولكنه اختارني وكم أنا سعيد بهذا الاختيار. وكم أنا سعيد حين أساق نحو قدري الجميل شاكرًا القدر على ما قُدر لي دون اعتراض.
فدفقة الحب منك تحيني وتميت اليأس داخلي وتزيدني إصرارًا على الحياة، من أجلك أنت فقط، يا منية النفس والروح.
واللعنة سوف تصيبني إن تركتني. والرعب سوف يملأ حياتي إن هجرتني روحك، تلك الروح الملائكية التي تسكن جسدك الفتان الذي أهفو إلى الارتماء في أحضانه من كل قلبي ووجداني؛ كي أطفيء جوعي إلى حبك الذي ليس له مثيل ولا حدود.
الأرض ملكنا والناس تحسدنا على حبنا. لا ضير. دعيهم وشأنهم؛ فالحب لا يفسده إلا تدخل الآخرين فيه. دعينا نمرح، ونلهو، ونصبو إلى ما نحلم به، ونفعل ما نشاء؛ فالحب قد يأتي اليوم وقد يفارقنا في المساء. أنت الوجه الآخر للقمر والسهر.
أنت نبض الروح وصوت المطر. أنت وردة المساء. أنت أجمل الأشياء. في الليل، أهفو إليك وأنا وحيد أناجي روحك الساحرة في ظلمة الليل بعد عتمة المساء. أود أن أضمك إلى صدري كي أرتاح من هموم الصباح والمساء. أراك في أحلامي ليل نهار. وفي كل يوم، أذاكر وأتذكر نظراتك، كلماتك، ابتساماتك، لفتاتك، همساتك، حركاتك، وأناتك، كعاشق مختار.
أشعر بشوق إليك لا أقدر على تحمله دون الارتماء بين يديك والبكاء بين راحتيك. كياني كله لك. أنظر إلى عينيك الرائعتين، فأنسى روحي. وأنا سعيد بحبي لك؛ فهو قدري، وغيري لا يقدر الحب ولا يقدر عليه. ربما جئت من عصر آخر، ليس فيه تقدير للحب ولا للنساء، وربما أكون آخر الرجال الذين يتهمون أو يهتمون بالحب بين الشرفاء، فأنا سعيد أيضًا بأنني أنتمي لتلك السلالة من الرجال العاشقين الذين انقرضوا منذ عدد كبير من السنين. فالفرح هو السيد والحزن سوف يشيع إلى مقبرة الأنين حيث شاء.
وسوف أظل أحبك حتى نهاية عمري. ولن أقوى على فعل شيء غير حبك؛ فهذا عندي هو أفضل الأشياء؛ وهو ما خلقتني من أجله وصيرتني إليه السماء.
أتت من بعيد في ثوبها الوردي الذي كان يتطاير مع هبات رياح الشتاء، فوقفت لها مستقبلًا وكأنني أطير في السماء، أنعم الروح، وأذوب في عشق تلك المرأة الشقراء.