في الوقت الذي أوصى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم خلال الاحتفال بعيد العلم، بإنشاء صندوق لرعاية المبتكرين والنوابغ من النشء، يشارك فيه القطاع الخاص ويدعم إنشاء مدينة العلوم والابتكار بالعاصمة الإدارية الجديدة، مازات توجد مشكلة تعرقل أحلام المخترعين المصريين الشباب تتمثل في ارتفاع نسبة الأجانب المتقدمين بطلبات للحصول على براءات اختراع من المكتب المصري للبراءات وهو ما تبين أنه لخدمة وحماية مصالحهم التجارية ليس إلا، وأن كافة المعايير يتم تطبيقها على جميع المتقدمين سواء من المصريين أو الأجانب.
وكان مكتب البراءات التابع لأكاديمية البحث العلمي قد شهد عام 2011 وضع منظومة جديدة للعمل لتقليل المدة الزمنية للمنح وتتناسب مع النظام العالمي، وبالفعل زادت نسبة المصريين المتقدمين ببراءات للتسجيل من 9 إلى 37%.
وفي قراءة لبيانات المتقدمين لتسجيل براءات الاختراع منذ تأسيس المكتب المصري عام 1951 وحتى عام 2015 في أحدث إحصائية أجرتها أكاديمية البحث العلمي، تبين أن نسبة المصريين تراوحت بين 30 إلى 40% بالمقارنة بعدد الأجانب المتقدمين، ولم تحدث طفرة في أعداد البراءات الممنوحة لمصريين سوى في عام 2002 حيث بلغ عدد البراءات الصادرة لمخترعين مصريين 118، وهو ما أرجعه رئيس أكاديمية البحث العلمي السابق إلى إنشاء جهاز تنمية الابتكار في العام ذاته، مما شجع المصريين على الاستفادة من الإمكانات المتاحة.
ولفت د.ماجد الشربينى، رئيس أكاديمية البحث العلمي السابق إلى حاجة الباحثين في مصر لوجود قاعدة صناعية قوية تسمح بتطبيق البراءات بعد إتمامها، مؤكدًا أن السبب وراء إقبال المخترعين الأجانب على تسجيل براءات الاختراع بمكتب البراءات المصري، هو حماية منتجاتهم وشركاتهم عند دخولها في السوق المصري والمحلى ولتوفير الملكية الفكرية لها.
حاولت أكاديمية البحث العلمي، أن تزيل العراقيل من أمام المخترعين عند تسجيل براءة اختراعهم، فقلصت من المصاريف رسومًا تُدفع عند تسجيل براءة الاختراع - من 1500 الى 150جنيهًا، وهذا أمر جيد ويسهل على المخترعين في الوقت الذي يدفع الأجنبي ما يعادل 7 آلاف جنيه مصري.
وأضاف الشربينى لـ "بوابة الأهرام" أن مصاريف تسجيل البراءات للمصريين لا تتجاوز 150 جنيهًا، وهو الأمر الذي يدعمه المكتب بعد أن كان 1500 في السابق، بينما يدفع الأجانب 7 آلاف جنيه لتسجيل براءاتهم. وأوضح أن نسبة تسجيل البراءات للمصريين بمكاتب في الخارج لا تعد كبيرة ولكنها تعتمد في الأساس على مصدر التمويل المتاح للبحث العلمي.
ووصف رئيس الأكاديمية السابق التسجيل بمكاتب الاختراع في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة بأنه لا يوجد فرق بينه وبين التسجيل داخل مصر سوى اعتبار المخترعين أنه نوع من «البرستيج» يلبى احتياجات المشروع الذي يعمل عليه حتى يستطيع تسويقه في الخارج، لافتًا إلى أن تطبيق مصر برنامج "P.C.T" وهو الذي يسمح للمخترع بالحصول على الحماية في 140 دولة لمدة عامين ثم يحدد بعد ذلك الدولة التي يريد تسجيل اختراعه بمكتب البراءات التابع لها وفقًا للحالة التسويقية للمنتج.
والوقت المستغرق للحصول على براءة يعتمد على إجراءات التسجيل وعدد من العوامل الأخرى التي تختلف من بلد إلى آخر، ففي البلدان التي لا يخضع فيها طلب البراءة لفحص موضوعي، تنتهي الإجراءات فيها بسرعة (وتستغرق عادة بضعة أشهر)، وفي البلدان التي يباشر فيها مكتب البراءات فحصًا موضوعيًا دقيقًا للتأكد من أن الاختراع يستوفي شروط الجدّية والنشاط الابتكاري وإمكانية التطبيق الصناعي لاعتباره أهلاً للحماية بموجب البراءة، فلا بدّ أن يستغرق الإجراء منذ الإيداع حتى المنح 12 شهرًا على الأقل وقد يزيد على 18 شهرًا في حالات عديدة.
وقد يستغرق أكثر من ذلك، لا سيّما إذا كان قانون البلد ينص على إمكانية الاعتراض قبل منح البراءة أو إذا كان القانون يسمح بما يسمى بالفحص المؤجل (أي ألاّ تخضع البراءة للفحص إلا بناء على طلب بذلك يودع في غضون مهلة معينة من الزمن قد تطول عدة سنوات). وعلاوة على ذلك، فإن نظام الفحص المؤجل يتيح للمودع مهلة أطول ليبت في جدوى طلب براءة لاختراعه في ضوء فرص التسويق وتكاليف الحصول على براءة.
الدكتور أشرف شعلان رئيس المركز القومي للبحوث، أكد لـ "بوابة الأهرام" أن المركز يتلقى طلبات لتسجيل براءات اختراع سنويًا تتراوح بين 9 إلى 18 براءة، وأنه يتم اعتماد 25% فقط من الطلبات المتقدمة. وأوضح لـ "بوابة الأهرام" أنه لا يتم تحديد عدد معين لطلبات البراءات وإنما الباب مفتوح لجميع المخترعين، وكلما زاد عدد البراءات ، تحقق نجاح بحثي علمي ينسب للمركز القومي للبحوث.
ولفت شعلان إلى أن البراءات الخاصة بباحثي المركز يتم تسجيل بعضها بالمكتب المصري والبعض الآخر بمكاتب في الخارج، مشيرًا إلى حصول علماء المركز مؤخرًا على ثلاث براءات اختراع جديدة تقدم حلولًا لمشاكل خاصة بالتلوث والطاقة.
وفي أحدث تقرير إحصائي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بشأن "براءات الاختراع خلال عام 2016"، التي شملت حصرًا للبراءات المقدمة والممنوحة والصادرة من مكتب البراءات المصري، وفقًا للدول والمجالات المختلفة، تبين أن الولايات المتحدة الأمريكية احتلت المرتبة الأولى من حيث العدد، إذ بلغ عدد البراءات الممنـوحة لها مـن مصر 105 براءات بنسبة 23.3%.
ولفت التقرير إلى أن البراءات الممنوحة للمصريين جاءت في المركز الثاني بإجمالي 73 براءة اختراع بنسبة 16.2%، تلتها اليابان بإجمالي 43 براءة اختراع، بنسبة 9.6% من إجمالي البراءات الممنوحة عام 2016، مشيرًا إلى أن مجال "الاحتياجات الإنسانية" استحوذ على نسبة كبيرة من براءات الاختراع الممنوحة بنسبة 19.6% من الإجمالي، بواقع 25% للمصريين و75% للأجانب، كما تم منح 124 براءة اختراع في مجال الكيمياء والفلزات، بنسبة 27.6% مـن إجمالي البراءات الممنوحة عـام 2016، بنسبة 17.7% للمصريين و82.3% للأجانب، فيما تم منح 81 براءة اختراع بمجــال عمليــات التشـكيل والنقل، بنسبة 18%، بينها 7.4% للمصريين و92.6% للأجانب.
وقالت شيرين صبري المتحدثة باسم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لـ "بوابة الأهرام"، إنه لا يوجد ما يسمى بمكتب وكلاء براءات معتمد من الأكاديمية، وأوضحت أن تسجيل البراءات يتم فقط من خلال مكتب براءات الاختراع بالأكاديمية، ويتم التسجيل بمعرفة مقدم الطلب (مالك البراءة) أو وكيله الرسمي أو من خلال وكلاء تسجيل البراءات والمسجلين طبقًا للقانون 23 لسنة 1951 الخاص بمزاولة مهنة وكلاء البراءات بمصلحة التسجيل التجاري بوزارة التموين والتجارة الداخلية، وذلك بعد إيداع شهادة التسجيل بمكتب البراءات، أو من خلال مكاتب تسويق التكنولوجيا (TICO) الموجودة بالجامعات والمراكز البحثية، أو نقط اتصال مكتب براءات الاختراع، التي تقوم بدورها بتقديم الطلبات لمكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا للحصول على مستند رسمي برقم وتاريخ تسجيل براءات الاختراع.