في كتابه الجديد "ثلاثية الشر في مصر: الاحتكار.. مافيا التجار.. صندوق النقد الدولي" الصادر عن مؤسسة بتانة الثقافية أخيرًا، يرصد الكاتب الصحفي حمدي الجمل، الانهيارات المتوالية للوضع الاقتصادي في مصر، بدءا من تآكل الطبقة المتوسطة، والأسباب التي أدت إلى ذلك، إلى التضخم الذي حدث جراء تعليمات صندوق النقد الدولي، الذي يشكل أهم ضلع في مثلث الشر للإضرار بمصر، اقتصادًا ومجتمعًا، والذى يشكل مع مافيا التجار والاحتكارات أوجه الكارثة في مصر، بحسب ما جاء في كتابه.
موضوعات مقترحة
ويرى مؤلف الكتاب، أن الدولة تأخذ جزءًا من حرية المواطن، في مقابل أن تعمل علي تحقيق الرخاء الاقتصادي، اعتمادًا علي نظريات اقتصادية عدة تستخدمها أداة ووسيلة للحكم، بينما تلك النظريات الاقتصادية ليست لها قيمة في حد ذاتها، بل تستمد هذه النظريات قيمتها عندما تنجح الدولة في استخدامها فى إيجاد حالة من الرخاء الاقتصادي، وصولًا إلي مفهوم العدالة الاجتماعية.
ويحتوي الكتاب على سبعة وعشرين فصلًا، بتقديم الكاتب الصحفي مهدي مصطفى، الذي أكد في مقدمته أنه لا حل للأزمات الاقتصادية إلا باستعادة الهوية القومية، ثم الخروج من عالم القروض، وولاية صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والهروب من ضحالة الرأسمالية، والعودة إلي التصنيع والإنتاج والابتكار ونشر العلم والتعليم وضرب حالة السعار الاستهلاكي، التي أصابت الأمة في مقتل منذ السبعينيات، وخلع الوسطاء والوكلاء للشركات العابرة للقارات خلعا لا رجعة فيه.
في فصل "رأسمال مصر تحت المقصلة" يرصد "الجمل" الآليات الخبيثة التي ينتهجها صندوق النقد الدولي لإيقاع الدول في شباكه، ويستشهد "الجمل" على ذلك بمهاتير محمد، عندما سُئل كيف نهضت ماليزيا ؟ فقال "خالفت توصيات صندوق النقد الدولي، وفعلت عكس ما طلبه من إجراءات".
وفي المقابل، يذكّر "الجمل" بما جرى من انهيارات في الأرجنتين عام 1996 ميلادية، بسبب تنفيذ توصيات صندوق النقد، وعندما تراجعت مصر عن الاقتراض بعد أزمة الأرجنتين، غير الصندوق وعدل بعض إجراءاته ليجبر مصر علي الاقتراض.
وحول ارتفاع الأسعار في مصر، يخصص المؤلف أكثر من فصل لمعالجة هذه الظاهرة، والوقوف على أسبابها، منها، فصل بعنوان "فوضى منظمة في شبة الدولة"، مشيرًا فيه إلى أن ارتفاع الأسعار، يأخذ في مصر شكل المتوالية الهندسية، والسبب في ذلك في رأيه، هو حكومة المهندس شريف إسماعيل، التي تعمل وفقا للنظريات الحاكمة لحقول التجارب الاقتصادية، رغم أن حياة المصريين لا تحتمل عبث العابثين، وانعدام كفاءة المسئولين.
"مصر رهينة أربعة رجال"، تحت هذا العنوان، يرصد "الجمل" ظاهرة احتكار الأغذية في مصر لدى شعب يعد أكثر شعوب العالم استهلاكًا للطعام، وبدأ الأمر حين أسند رشيد محمد رشيد، مسئولية استيراد الأغذية إلى أربعة من أصدقائه التجار، وذلك بعد أزمة أنفلونزا الطيور في عام 2007، ومنذ هذا التاريخ تحكم هؤلاء الأربعة في طعام المصريين.
ويتتبع "الجمل" آليات احتكار هؤلاء لطعام الناس، ولا يكتفي بالرصد، بل يضع روشتة للعلاج، على رأسها كسر الاحتكار، ومحاسبته تتطلب إرادة سياسية صادقة وجادة، وبعدها يتطلب الأمر، وضع رؤية طويلة لكسر هذا الاحتكار، ووضع تشريعات تجرمه، وأن هناك حصة في السوق لا ينبغي أن يصل إليها أحد، ولتكن 15% من حجم السوق، مع تغليظ العقوبة على المحتكر لتصل إلى السجن والغرامة ومصادرة السلعة موضوع الاحتكار، كما هو متبع في كل دول العالم التي تأخذ بنظام السوق الحر، وإصدار قرار بإعادة ما تبقى من شركات القطاع العام إلى العودة بقوة إلى العمل بالسوق.
وحول ما أثير من بعض المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، حول ما يُعرف باقتصاد الجيش، والزعم بتحكمه في اقتصاد الدولة، يرصد حمدي الجمل، في فصل من أهم فصول الكتاب تلك الأكذوبة تحت عنوان "الجيش المظلوم _ 40 عائلة تمتلك 70 % من مصر"، إذ يرى "الجمل" أن مصطلح اقتصاد الجيش لم يسمع به أحد إلا بعد سقوط دولة الإخوان في ثورة 30 يونيه، حين تصاعدت الاتهامات الموجهة للمؤسسة العسكرية من باب الاقتصاد.
والمدهش حد العجب، كما يقول حمدي الجمل، أن الموازنة العامة للدولة معلنة، وبها الاعتمادات الخاصة بالمؤسسة العسكرية، ويسأل: ومن واقع قراءة أرقام الموازنة العامة، كيف يسيطر الجيش علي الاقتصاد؟ والموازنة تشهد عجزًا سنويًا، وربع إيراداتها يذهب إلى الدعم، والربع الثاني إلى الأجور، والثالث إلي سداد الديون، وأعباء الديون، وما تبقى يتم الإنفاق منه على الخدمات والاستثمار وبقية احتياجات المصريين.
وبعد أن يرصد "الجمل" الشركات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة، يخلص إلى نتيجة بسيطة ومقنعة، تنسف أوهام من يدعي سيطرة الجيش على الاقتصاد قائلا: وعلى صعيد الشركات والمؤسسات التابعة للجيش، مقارنة بعدد الشركات التي تمتلكها الدولة، فإن القطاع الخاص أو القطاع العائلي يمثل 70% من حجم الاقتصادي المصري، وأن 40 عائلة فقط تمتلك هذه الثروة أو هذه النسبة ومشروعاته.
1