مازالت فوائد وأسرار ومعجزات الصوم التي اكتشفها العلم الحديث مؤخرًا وجميعها تؤكد حقيقة وحدانية الله تعالى وربوبيته، فمن أجمل ما قرأت "الحمد لله أن الله هو الله"، هذه الأسرار تؤكد حقيقة سنة الله في كونه والناموس الأعظم في الكون وخزائن علوم الله لا حصر لها ولا تنفد أبدًا وأغلى من كنوز الأرض جميعًا، ولم ولن تكتشف أسراره كاملة والكامنة في آيات الله تعالى في القرآن الكريم إلي يوم القيامة، فتخاطب كل العقول والأزمنة وتتحدى جميع العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، ومازالت تفيض علينا من كرم الله سبحانه وتعالي، فقد فاضت العلوم الشرعية بروائع الكتب عن كمال روحانيات الصوم والحصاد الإيماني اللانهائي، ثم يأتي الحصاد المادي في مكافحة الأمراض المستعصية، وبها يتحدى المولى عز وجل العلماء لإيمانهم بالماديات دون الروحانيات ففاقت علوم الصوم فلك وقدرات البشر لتسبح إلى الفلك الأعلى ومازال العلم يكتشفها كل يوم وساعة "وفوق كل ذي علم عليم".
في شهر أنزل فيه القرآن الكريم على رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وفيه تتضاعف الأجور والحسنات وتبدل فيه السيئات لحسنات بإذن الله تعالى، وتغدو الأعمال الصالحة في كل ساعاته المباركة، وفيه ليلة خير من ألف شهر، وروحانيات الصوم هدفها لصلاح القلوب والنفوس وجلائهما من صدأ الدنيا بأشغالها وله مكانة تفوق كل شهور السنة، وترقى به القلوب طمعًا في عفو ورحمة ومغفرة الكريم سبحانه وتعالى والعتق من النار.
على جانب الإعجاز الطبي نجد أن الصوم يشفي من أمراض عضال في مقدمتها السرطان، فكما يروي الدكتور محمد هاشم يقول إنه في عام 2008 التقى بالبروفيسور ميزوشيما المتخصص في علم دقيق جدًا، وهذا العلم تخصص فيه 4 أساتذة في العالم 2 في أمريكا و2 في اليابان يسمي Autophagy ينشط عن طريق الامتناع عن الطعام والشراب الجوع والعطش لمدة لا تقل عن 8 ساعات، شرط أن يكون الجسم في حالة نشاط، وعند التحفيز يقوم الجسم بتحديد الخلايا المريضة (السرطانية) وغيرها، ثم يقوم بتحليل ذاتي فيتم التخلص من تلك الخلايا وفي الوقت نفسه توفير الغذاء للخلايا السليمة في الجسم، ولتحقيق أقصى فعل من هذه العملية يجب أن تكون متكررة وتراكمية وبمعنى أدق مستمرة لفترة من الزمن لا يتخللها عملية إعادة بناء أو تدعيم للخلايا المريضة عن طريق الإفراط في الطعام الذي يحتوي على الدهون والسكريات.
ولذلك فإن البروفيسور ميزوشيما يصوم رمضان كاملًا كما يصوم 3 أيام من كل شهر - وهي الأيام البيض الثلاثة التي كان يصومها رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وهي من معجزات صوم رمضان
يقول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة 183) ويقول عز وجل (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) البقرة 184
وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (صوموا تصحوا) وعن أبي أمامة "قلت: يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال: (عليك بالصوم فإنه لا مثل له).
وقد أثبت العلم الحديث أن الصوم يتخلص من الخلايا القديمة والزائدة على حاجة الجسم والصوم نظام رباني دقيق لتنشيط عمليتي الهدم والبناء للجسد، ولم تأت كلمات رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لتؤكد أن كل ما يقوله إن هو إلا وحي يوحى، فقد جاء في السنة صيام الأيام القمرية الثلاثة من كل شهر عربي 13 و14 و15 وتعدل صيام شهر، فلم تأت السنة النبوية من فراغ، ثم نجد فوائد الصوم في التخلص من الوزن الزائد والدهون وخطورتها على القلب وجسم الإنسان، كما أن الصوم وقاية للجسد من الزيادات الضارة مثل الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية والأورام في بداية تكونها.
ومع البحث والتدقيق تبين أن الصوم يقي ويعالج من أمراض شتى بينها السكر، فالصوم يقوم بخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاته، وهي فرصة لراحة غدة البنكرياس الذي يفرز الأنسولين الذي يقوم بتحويل السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزنها الأنسجة؛ حيث أن زيادة الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة يصاب البنكرياس بالإرهاق والإعياء ويعجز عن وظيفته؛ فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته، ويظهر مرض السكر والصوم يعالجها دون استخدام أدوية.
كما أن الصوم طبيب متمرس لعلاج الوزن الزائد والتخسيس؛ حيث يؤدي الصوم لإنقاص الوزن وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يبدأ إفطاره بعدد من التمرات وقليل من الماء الذي يشعر الصائم بالشبع ويمتصه الدم بسرعة ويعطي الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة النشاط المعتاد؛ بينما الأطعمة مثل الخضراوات واللحوم فيأخذ الجسم وقتًا لهضمها وجزء منها يتحول إلى سكر يشبع الصائم؛ بينما الإفراط في الطعام عند الإفطار سوف يزيد من وزن الإنسان ويقل نشاطه.
مازال الشهر المبارك يلقي علينا بكنوزه التي لا حصر لها ولا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ومهما حقق العلم من إنجازات للتوصل إلى أسرار الصوم وفوائده، فتظل الكنوز المغلقة ولم تكتشف بعد أكثر عشرات المرات بل مئات المرات مما اكتشفه العلم الحديث.
وليس غريبًا أن علماء الغرب بعدما اكتشفوا فوائد الصوم يصومون مثل صومنا ويتبعون السنة والهدي النبوي الذي مازالت خزائن الله ممتلئة منه ولا يعلمها إلا الله عز وجل، ونحن في القرن الواحد والعشرين "عصر التكنولوجيا الحديثة"، وأدق "ميكروسكوب" مازال الكون يتحدى ويقول إنه في علم الغيب، وليس غريبًا علينا فها هي السماء بأجوائها وأسرارها لم يكتشف العالم منها شيئًا، بل تقف حدود العلم البشري عند خطوط محددة لا يمكن أن يتخطاها، ومهما يصل العلماء لحقائق علمية لم تكتشف من قبل نجدها في القرآن الكريم والسنة النبوية من أكثر من 1400 عام، فلن نجد أصدق من قوله سبحانه وتعالى "وما ينطق عن الهوى" "إن هو إلا وحي يوحى" "علمه شديد القوى" "ذو مرة فاستوى" "وهو بالأفق الأعلى" "ثم دنا فتدلى" فكان قاب قوسين أو أدنى" "فأوحى إلى عبده ما أوحى" "ما كذب الفؤاد ما رأى" سورة النجم، فهل عرفتم لماذا يحاربون الإسلام؟