خرج علينا وزير إحدى الدول الشقيقة وقال: «يجب أن يكون شهر رمضان 13 يومًا في فصل الصيف.. لأن عدد ساعات الصيام في فصل الشتاء يعادل صيام 13 يومًا فقط في فصل الصيف.. وواصل الرجل تفسيره العجيب والغريب واخترع ما سماه الوحدة الرمضانية.. ويقصد بها عدد ساعات الصيام في اليوم.. وحددها بـ 8 ساعات يوميا».. انتهت أقوال الرجل.. ونأمل أن يتأكد المقربون منه إن كان يصوم من الأصل أم لا.. وإن كان يصوم ما هي عدد الساعات التي يصومها؟
أجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية سترتكب خطأ كبيرًا عندما تضيع فرصة الذهاب إلى الدولة الشقيقة في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان.. لمشاهدة الرجل الذي سيحتفل بالعيد في هذا اليوم، بينما المسلمون في قارات الدنيا مازالوا صائمين.
في اليوم الثالث عشر سيصعد الرجل على سطح منزله ليشاهد الهلال وحده وعندما يتأكد من رؤيته.. سيمسك بهاتفه المحمول.. ويزف إلى الأمة الإسلامية ظهور هلال شوال.. وقدوم عيد الفطر.. موضحًا للناس أن أحدًا لا يستطيع رؤية الهلال إلا هو.. ثم يكبر تكبيرات العيد.. ويفرش سجادة الصلاة أمام منزله.. ويخطب خطبة العيد.. ويصلي وحده العيد.. ويدعو للأمة الإسلامية بالهداية والتوفيق.. ولعلماء المسلمين بأن يحذوا حذوه.. وبعد ذلك يتناول الرجل طعام الإفطار في الثامنة صباحًا.. مناشدًا جماهير الأمة الإسلامية بتناول طعام الإفطار.. لأن الصيام يوم العيد محرم شرعًا.. ويجب ألا نهمل استحضار الرجل للألعاب والبلالين ليشاركه الأطفال فرحة العيد الذي يعيشه مع نفسه.. وفى اليوم الخامس عشر يبدأ الرجل في صيام ستة أيام من شوال وهي الأيام المعروفة بـ «الستة البيض».. لا أعتقد أن أجهزة الإعلام ستفوت الفرصة الذهبية في متابعة هذا الرجل وهو يحتفل بالعيد على طريقته الخاصة.
الشيف الشربينى يعد حلقة خاصة للرجل يوم عيده.. ليشرح له طريقة إعداد وجبة شهية يوم العيد.. وحتى لا يختلط الأمر على المشاهدين.. يكتب الشيف الشربيني على الشاشة عبارة.. حلقة خاصة للوزير.. وكل سنة وسعادته طيب.
وتخفيفًا على الناس بعد ارتفاع الأسعار قد يقترح الرجل بأن يتم الاحتفال بالعيدين الصغير والكبير مرة واحدة.. على أن تحج الناس في صعيد مصر لتشجيع السياحة في المحروسة.
وإذا كان الرجل قد قال إن صيام رمضان في الصيف يعادل صيام 52 يومًا في الشتاء.. فقد يخرج علينا يومًا وينصحنا بأن نغير النظام ليصبح صيام رمضان 52 يومًا شتاء و30 صيفًا حتى ينال الثواب لأنه قرر التوبة.
أتى علينا حين من الدهر قال أحد رجال الدين في مصر إن تدخين «3 سجائر» فى اليوم لا يفطر.. والوزير قد يرى من وجهة نظره أنه مسموح خلال ساعات الصيام بتناول الماء والشاي والقهوة والوجبات الخفيفة عدا اللحوم.. خشية أن تكون لحوم حمير لأنها قد تفسد الصيام.
ليت الرجل ــــ وهو رجل سياسة ـــ قد طالب الساسة بالتوقف عن الحديث في الدين بغير علم.. ورجال الدين بالتوقف عن التجارة بالدين.. والتجار بالتوقف عن الغش والتدليس.
وعلينا أن نهيب بالرجل أن ينسى فكرته هذه.. ولا يقترب من عدد الصلوات الخمس.. وعدد الركعات.. ولا يقترب من الحج.. وتوقيته.. ومكانه.
وليت الرجل يتوقف عن الكلام.. فهذا أفضل له من أن يصمت دهرًا .. وينطق بما يجعل الناس تضحك.. وهى تضرب كفًا بكف على وزراء آخر الزمان.