Close ad

شيخ الأزهر: الحديث عن فتنة طائفية في مصر لا يتناسب مع طبيعة الشعب

24-5-2017 | 16:43
شيخ الأزهر الحديث عن فتنة طائفية في مصر لا يتناسب مع طبيعة الشعبالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
شيماء عبد الهادي

أعرب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عن خالص تعازيه في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة مانشستر شمال بريطانيا مساء الإثنين، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

وأعلن في حواره مع "الراديو والتليفزيون الألمانيZDF" على هامش زيارته للعاصمة الإسلامية برلين بدعوة من الحكومة الألمانية للمشاركة في احتفالية حركة الإصلاح الديني في أوروبا التي تقيمها الكنيسة البروتستانتية بمناسبة مرور 500 عام على تأسيسها، عن استنكار الأزهر الشريف وجميع الأديان وكل الذين يريدون السلام لهم ولغيرهم في جميع أنحاء العالم لهذا الحادث الإرهابي الأليم الذي وقع مساء أمس، في مدينة مانشيستر ببريطانيا، مؤكدًا أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له.

وأضاف ، أن الإرهاب الغاشم أصبح يستهدف الأبرياء في جميع أنحاء العالم، موضحًا أن الأزهر يقود جهودًا حثيثة من أجل نشر ثقافة التعايش والسلام ونبذ التطرف والإرهاب والكراهية والتعصب في جميع أنحاء العالم، مشددًا على ضرورة تضافر الجهود العالمية من أجل القضاء على هذا الوباء اللعين وتخليص العالم من آفاته وشروره.

وأوضح شيخ الأزهر، أنه أكد في كلمته التي ألقاها في ملتقى "مغردون" بالمملكة العربية السعودية على ضرورة اتخاذ قراراتٍ حاسمة، تقضي على الإرهاب وتجفِّف مصادره ومنابعه، وتوقِفُ العبثَ بدماء الشعوب وبأمن أوطانها ومقدَّراتها، وأن تضمن لها حقَّها في حياة آمنةِ وعَيش كريمٍ، مؤكدًا أنه بمقدور صانعي القرار العالمي وقف الحروب الدامية التي تشهدها المنطقة إذا توافرت الإرادة الدولية لذلك.

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الأزهر الشريف لديه خطة واضحة للانفتاح على الغرب وبخاصة المؤسسات الدينية؛ حيث كانت هناك زيارة إلى الفاتيكان، هي الأولي لشيخ الأزهر، وكذلك زيارات إلى مجلس الكنائس العالمي في جنيف وكنيسة كانتربري في بريطانيا وكذلك زيارة إلى جمعية سانت ايجيديو في ايطاليا والآن نحن بصدد زيارة إلى الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا.

وأضاف، أن الأزهر الشريف لديه تصور عالمي يعرضه في كل هذه اللقاءات والزيارات ينطلق من رسالة الأزهر العالمية ومنهجه الوسطي الذي يدعو إلى السلام بين الناس جميعًا.

وأبدى الإمام الأكبر استعداد الأزهر الشريف لتدريب الأئمة الألمان في رحاب الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن هناك برامج مخصصة للأئمة الغربيين لتأهيليهم للتعامل مع القضايا المستحدثة والأفكار الغريبة وتوعيتهم بمخاطر الفكر المتطرف وتدريبهم على أحدث مهارات التواصل مع المسلمين في المجتمعات الغربية بما يساعدهم على تحصينهم من الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم ومساعدتهم على تحقيق الاندماج الإيحابي في مجتمعاتهم.

وذكر أن هذا البرنامج التدريبي يستمر لمدة شهرين على نفقة الأزهر الشريف، موضحًا أيضا أن جامعة الأزهر بها قسم للدراسات الإسلامية باللغة الألمانية، معربًا عن تطلعه إلى تعزيز التعاون بين هذا القسم والأقسام المناظرة في الجامعات الألمانية لتبادل الخبرات لتعليم الناس صحيح الدين، مرحبًا بالتفاهم والتواصل المصري الأزهري والألماني، مؤكدًا أن فضيلته يراهن على تعزيز هذا التواصل خلال الفترة المقبلة.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن التحديات والظروف العالمية الراهنة هي التي أفرزت هذا الإرهاب الأسود، موضحًا أن طلاب وخريجي وعلماء وأساتذة الأزهر الشريف المنتشرون في جميع أنحاء العالم يقودون جهودًا حثيثة من أجل ثقافة الوسطية والسلام، إضافة إلى مرصد الأزهر الشريف باللغات الأجنبية الذي يقوم برصد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة بـ 11 لغة ومن ثم ترجمته وتحليله وأخيرًا الرد عليه وتفنيد ما تثيره هذه الجماعات من أفكار مغلوطة وتفسيرات خاطئة، موضحًا أن عدد الطلاب الوافدين في الأزهر هذا العام يبلغ 40 ألف طالب من أكثر من 106 دول حول العالم.

وردًا على سؤال حول تحميل الفكر الوهابي مسؤولية الإرهاب المنتشر في العالم، قال شيخ الأزهر: "لا أعلم هذا" ولا يمكن أن يكون هذا الفكر أو ذاك سببًا لما يعانيه العالم من قتل وتخريب، مشيرًا إلى أن هناك من المذاهب ما يميل إلى الاحتياط وأخرى تميل إلى الوسطية وثالثة تميل إلى السهولة والتمييع، مضيفًا أن هذه المذاهب موجودة من قديم الزمان ولم تقم حروب ولم نشاهد مثل هذا الإرهاب الأسود.

وأضاف، لا أظن أن الإرهاب بهذه الصورة المتوحشة والتدريب العجيب يرجع إلى مذهب متشدد في مكان معين أو غيره، لكن ربما تستخدم بعض التفسيرات الخاطئة للنصوص لتنفيذ خطة معينة لمنطقتنا هذه و تريد لها أن تبقي في وضع سياسي واقتصادي بل وجغرافي معين.

موضوعات مقترحة


وأردف، كما أن هناك أموالًا طائلة وقنوات تفتح النار على المسلمين صباحًا ومساءً ومعلوم من يقفون ورائها ولكننا لا نقول إنها مسئولة عن هذه الحروب، ولكن ينبغي أن نبحث عن سبب هذا الإرهاب خارج إطار الأديان.

وفيما يتعلق بالأعمال الإرهابية التي شهدتها مصر مؤخرًا خاصة ضد كنيسة مارجرجس أو الكنيسة البطرسية وما إذا كانت تمثل اضطهادًا ضد المسيحيين في مصر وماذا يفعل الأزهر لمواجهتها؟ قال شيخ الأزهر: هذه الاعتداءات وغيرها في مقدمة اهتمامنا ليس بالنسبة لنا في الأزهر فقط ولكن في الكنيسة المصرية أيضًا وبالنسبة للشعب المصري أجمع، موضحًا أن المصريين جميعًا يقفون يدًا واحدة ضد هذه الهجمات التي تستهدفهم جميعا وتستهدف وحدتهم، لافتًا إلى أن ضحايا هذه الأعمال الإرهابية من المسلمين أكثر من المسيحيين فالإرهاب لا دين له ولا وطن له.

وأضاف، أن الأزهر الشريف عقد مؤتمر المواطنة بحضور ممثلي الكنائس الشرقية وعدد من الشخصيات ورجال الدين من كافة أنحاء العالم، والذي صدر عنه إعلان الأزهر الشريف للمواطنة والذي يؤكد أن الإخوة المسيحيين هم مواطنون كاملون ولا يمكن أن يطلق لفظ أقلية عليهم لأن في هذا انتقاص من شأنهم، مشيدًا بالجهود التي يقودها بيت العائلة بلجانه المختلفة في تحقيق التواصل الفعال بين جناحي الوطن.

وأوضح الإمام الأكبر، أن الحديث عن وجود اضطهاد للمسيحيين في مصر هو كلام عار تماما عن الصحة، فالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر هي علاقة قوية ومتجذرة، ولم يحدث يومًا أن وقعت معركة بين المسلمين والمسيحيين في مصر على الرغم من تعايشهما على مدار أكثر من ألف عام، مشيرًا إلى ما يحدث من توترات أحيانا هي توترات اجتماعية بالأساس يحاول البعض فيما بعد أن يضفي عليها بعدًا دينيًا.

وحذر شيخ الأزهر من أن هناك مخططات خارجية تريد ضرب الاستقرار في مصر كما حدث في دول عربية مجاورة، والتي كان السبب وراءها إثارة النعرة المذهبية ومن يقتتلون فيها هم أبناء الدين الواحد من السنة والشيعة، وقد أريد لمصر أن يقتتل أهلها ولكن هذه المرة بين المسلمين والمسيحيين إلا أن هذه المخططات فشلت والحمد لله في النيل من وحدة الشعب المصري.

وردًا على سؤال حول مدى إمكان التحاق الطلاب المسيحيين بجامعة الأزهر، قال الإمام الأكبر: إن هناك شروطًا للالتحاق بجامعة الأزهر من بينها حفظ القرآن الكريم كاملًا حيث يتم تأهيل الطلاب لذلك خلال المرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية كما يتم تأهيلهم شرعيًا لإعمال العقل وفهم النصوص، موضحًا أن من لا تنطبق عليه هذه الشروط لا يمكن التحاقه بجامعة الأزهر وفي مقدمتهم الطلاب المسلمون الحاصلون على الثانوية العامة، مما يعني أن الأمر لا يتعلق بالدين، ولكن يتعلق في المقام الأول بتأهيل الطالب.

وتعليقًا على سؤال حول ارتباط تهمة الإرهاب بالإسلام وما إذا كان هذا يتطلب إصلاح الدين الإسلامي، قال شيخ الأزهر: إن التجديد والإصلاح يكون في الفكر الإسلامي وليس في الدين الإسلامي، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بالإسلام فقط ، فكذلك الأديان الأخرى تعرضت لهذا فقد حدث في تاريخ المسيحية واليهودية وقتل كثيرون باسم الصليب والحروب الصليبية فهل كان الإنجيل أو التوراة التي قال عنها القرآن هدى ونور، بحاجة إلى إصلاح.

وأضاف الإمام الأكبر، أن الخطاب الدعوي هو ما يجب إصلاحه وتجديده كما يجب علي العلماء ورجال الدين أن يكونوا على وعي بالنص ومقصودها وإلا فلن يصعب على أي مجرم أن يبرر لإجرامه وأن يؤول النصوص الدينية تأويلًا فاسدًا وصادمًا، ومثل هذه التفاسير تمثل خيانة للدين، موضحًا أن هؤلاء المجرمين هم المنحرفوين وهم من يحتاجون إلى إصلاح شامل وليس الأديان التي نزلت من عند الله عز وجل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة