أعرف أنها البهجة التي تجعل استقبالنا لشهر رمضان مرتبطًا بعادات اجتماعية وأسرية، مثل شراء الفانوس، والياميش تلك الكلمة التي أدخلها الفاطميون على القاموس المصري، وهي تعني المكسرات والفواكه المجففة، وأنه لا غنى عنها، ولكن ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، وعدم مراقبة السوق جعلا كثيرًا من الأسر تتراجع عن شراء الياميش.
كثير منا ينتظر قبض الراتب؛ للوقوف في طوابير طويلة على شراء الياميش قبل حلول الشهر الكريم، بدءًا من منتصف شهر شعبان، وفي مخيلة كل منا أشهى الأطباق الرمضانية، التي ننتظرها من العام للآخر مثل الخشاف والكنافة والبسبوسة والقطايف، وجميعها تحتاج إلى المكسرات، أٌقلها في السعر هو الفول السوداني، وإن كان قد دخل في قائمة المكسرات ذات الأسعار الباهظة مؤخرًا، ولكن لا غنى عنه خصوصًا لدى الأسر محدودة الدخل ومتوسطة الحال.
ولكن بجولة سريعة على متاجر المكسرات، لن تملك سوى أن تقف مشدوهًا من هول الأسعار، تحسب في رأسك الميزانية التي أصبحت لا تكفي حتى انتهاء الأسبوع الأول من الشهر، فتتحدث سرًا إلى نفسك هل يمكن أن استغنى عن اللحوم والدواجن في هذا الشهر الكريم؟! أم استغنى عن السلع الأساسية من السكر والزيت والسمنة، والتي باتت إعلانات التليفزيون ليل نهار تبهرنا بها وبرائحتها التي تشبه الزبدة البلدي، والتي برغم أنها رديئة الصنع وتجلب الأمراض، فإن أسعارها هي الأخرى أصبحت لا تناسب الميزانية فأصبحنا نكتفي بالزيت في القلي والطبخ.
"حسبة برمة" هي بحق أصبحت كذلك، الأسعار تفوق بالفعل الميزانية لكل أسرة متوسطة الحال، ولا نجد هنا سوى أحد أمرين إما أن نتوقف عن شراء الياميش، أو نكتفي بكميات صغيرة من جوز الهند والفول السوداني والزبيب، فقط لإدخال البهجة على بيوتنا، ونُشعر أطفالنا بأن شهر رمضان مختلف عن باقي شهور السنة، وترتبط به بعض العادات والتقاليد.
وأعتقد أنه برغم زيادة أسعار الياميش هذا العام، فإن السيدة المصرية هي وزيرة اقتصاد من الدرجة الأولى، وستتحايل على الأمر؛ لإدخال السعادة على أولادها، ومع أذان المغرب ستكون مائدة الإفطار عامرة ببعض الحلوى المزينة بالياميش مهما غلا سعره.