ها هو الإرهاب الأسود يعود مجددًا في أسوأ صوره؛ مهددًا الآمنين في وطنهم ويروعهم أشد ترويع، ويحصد الضحايا وتنهمر الدموع على دماء بريئة سالت داخل محاريب العبادة، وتجري أمام الناس فزعين وباكين ومتحسرين على ما آلت إليه نفوس مريضة بسرطان الإرهاب، والشرطة في حيرة من أمرها كيف الحل؟ ورئيس الجمهورية يدفع بفرق من القوات المسلحة لدعم الشرطة في تأمين المنشآت الحيوية والمهمة بكل المحافظات كحل فوري لصد هجمات الإرهاب اللعين وحماية أرواح المواطنين.
حادثة كنيسة مار جرجس في طنطا، ومرقسية الإسكندرية حلقة في مسلسل الإرهاب الأسود الذي قتل وأصاب العشرات بلا ذنب، وتوشحت الدولة بالسواد حزنًا على دماء ذكية سالت بسبب مرضى بسرطان الانتقام والغباء والأهواء اللعينة، ولكن ما الذي يدفع بشخص ما بارتداء حزام ناسف ويفجر نفسه، ويعلم يقينًا أن نهايته الموت المحتوم، وأتساءل كيف تم غسل أفكارهم وعقولهم وحشوها بأفكار مسمومة ومعتقدات مزيفة وبغيضة، تحت ادعاء أنهم يقدمون رسالة للبشرية، فأي رسالة يوجهها هؤلاء الحمقى، إنها رسائل دم وقتل وإرهاب وإجرام، والسؤال من يقف وراءهم من منظمات إرهابية؟
وهل هم على مسافة قريبة منهم أم يوجهونهم عن بعد؟ وكيف حصلوا على المواد المتفجرة والأسلحة؟ ومن يمولهم ويمدهم بالمال والسلاح والمواد الناسفة؟ والغريب تجد من يدعي منهم السلام الاجتماعي فأي سلام اجتماعي ينشده هؤلاء المجرمون، إنه السم القاتل بدم بارد كل حي بريء يمشي على وجه الأرض.
سوف تكثر الشائعات والأكاذيب ويرددها الكثيرون، ولكن ما هي الحقيقة لا أحد يعرف تفاصيلها الدقيقة إلا بعد المعاينات الأمنية والنيابة للوقوف على حقيقة ما جرى على أرض الواقع، وهو ما تكشفه الأيام المقبلة، فالأمر مدبر ومخطط بليل قبل زيارة الرئيس لواشنطن بوقت ليس بقصير، وتحددت تفاصيله وأوقاته والأماكن والنقاط، وأكاد أجزم بأن هذه المنظمة والمجموعة الإرهابية قامت بعمل مسح للمنطقة، ورسمت لها خرائط تتحرك عليها قبل تنفيذ عملياتها وتصويرها بدقة وتحديد ما يحيطها حتى يكون لديها إلمام بكل صغيرة وكبيرة.
إذن نحن أمام كيان إرهابي ليس بهين وليس مجموعة صغيرة - كما يظن البعض - لأن العملية ليست عشوائية إنما مدروسة بدقة وتحددت لها مواعيد تجمع الناس ليكون لها أثر كبير يزيد كلما يزيد عدد الضحايا والأبرياء، ويصير لها صدى واسع ليس على المستوى المحلي، وإنما على المستوى الدولي؛ بغرض إظهار قوة الإرهاب الغاشم وتهديداته بشكل واضح للعالم، وكأنما يوجه تحذيره غير المرئي بأنه يعيش بين الناس، وله رءوس الشياطين مدبرة، وعقول تفكر وتدرس قبل وبعد التنفيذ، ويسير على خطوات محسوبة، فهل نعي ذلك ونتعامل معه كما يجب.
يجب أن نفكر وندرس ونخطط مثلما يخططون حتى نصل إليهم، ونتعرف على نواياهم حتى نتخذ الإجراءات والوقاية اللازمة لصد عدوانهم علينا ووسائل الاتصال بينهم، وهل هناك عبارات محددة تتداول بينهم وقت الهجوم والتنفيذ مثل كلمة السر في الكتيبة، فهم يسيرون بنهج كتيبة إرهابية؟
مكافحة المنظمات الإرهابية ليس بالأمر الهين ويتطلب تدريب وتمويل من الدولة لصد هجمات الإرهابيين ليس بالسلاح فقط وإنما بالفكر والخطط وإعداد فرق مهمتها كشف هذه المنظمات قبل قيامها بعمليات إرهابية، ووأدها وإحباطها قبل تنفيذها بفترة كافية، وأرى أنه يجب أن يكون لدى الدولة إدارة لهذا الغرض ليس لمواجهة الإرهاب على الأرض وإنما لمتابعته ورصده وإنقاذ أرواح الأبرياء، ويجب أن يكون العاملون بهذه الإدارة مدربين على أعلى مستوى من التأهيل على كل الوسائل التقنية الحديثة والتنسيق مع أجهزة الأمن الخارجية لرصد تحركات الإرهابيين وتوجهاتهم، وهذه الإدارة يجب تقييمها كل فترة وتطوير أدائها لتواكب مخططات وأنظمة وتطورات وتحديث عمل تلك المنظمات.
المرض لا يعالج بمسكنات سريعة الزوال، وإنما بعلاج طويل المدى فقد بلغ عدد الضحايا 48 من رجال الأمن والأخوة المسيحيين والمارة من المسلمين، فالإرهاب اللعين لا يفرق بين دين ودم، والسؤال الأهم: كيف يتسلل هؤلاء بأفكارهم المسمومة والمنبوذة لداخل محراب الوطن؟ وقبلهم المئات والعشرات.
لا يوجد في هذا الكون أسوأ من قتل بريء وسفك دم حرام وترويع وإرهاب آمنين، يا سادة قد تثير كلماتي حفيظة البعض، فالقضية ليست إرهابًا لعينًا بقدر استثمار لحالات الجهل والفقر والبطالة والتأثير بالمال السريع، وإقناع المتورطين بأنهم في أمان، وتقف الحالة الاقتصادية وغلاء المعيشة والمرض وانعدام الضمير والعشوائيات والعدالة البطيئة والأفكار التي تروجها المسلسلات والأفلام الهابطة بما يثير الرغبات والشهوات والإعلانات المسمومة في قفص الاتهام وفقدان الأخلاق الحميدة لتحل محلها الهابطة والرذيلة والمخدرات، وكلها مؤثرات مباشرة وبدلا من الوعي والقراءة والتحصين بالمعرفة حلت مكانها البلبلة والمغالطات وعدم الفهم والمجادلة بالباطل.
سؤال محير: لماذا يستهدف الإرهابيون الكنائس وقت تجمع المسيحيين؟!!!
سوف تشهد كل أرض يطأها الإرهابيون والمجرمون بأقدامهم القذرة لتكون وبالا عليهم يوم الدين والحساب.
وتبقى كلمات ..... تظل مصر مقبرة للإرهابيين ..... اللهم أحفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء.