ليست الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية التي أطلقتها إيران مؤخراً، أو شراء مقاتلات روسية من طراز سوخوي تعد الانتهاك الوحيد لقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2231، بل إن إيران انتهكت المواثيق والاتفاقيات الدولية، سواء مع المجتمع الدولي، أو مع دول المنطقة منذ اندلاع ثورة الخميني عام 1979.
إن إيران هي المسئولة عن تفجير مقر المارينز الأمريكي في بيروت عام 1983، وقبلها رهائن السفارة الأمريكية بطهران وتفجير الخبر بالسعودية عام 1996، ونشر الميليشيات الشيعية التي استوردتها من جميع أنحاء العالم لمساعدة بشار الأسد والخلايا التجسسية في الخليج.
إن النشوة التي عاشتها إيران عام 2003 في عهد الجمهوريين (بوش الابن) سببها سقوط العدو الأول لهم صدام حسين، وحكومة طالبان في أفغانستان.
لقد أقنعت أمريكا حلفاءها الإقليميين بتنصيب رئيس الوزراء العراقي السابق نور المالكي، المحسوب على المحور الإيراني عام 2010 لفترة ثانية ضد إياد علاوي ودستور بريمر الذي منح المحور المحسوب على إيران الصلاحيات الكاملة للسيطرة على العراق.
ولذا فإن اللهجة الكلامية القوية بين الإدارتين في واشنطن وطهران في الآوانة الأخيرة لن يتعدى حدود المزايدات السياسية، حتى وإن حركت أمريكا بوارجها الحربية في المياه الإقليمية.
فأمريكا وإن أرادت إلغاء الاتفاق النووي بعد مفاوضات شاقة استمرت 30 عامًا حصلت إيران بموجب هذا الاتفاق على 100 مليار دولار، ورفع جزئي للعقوبات.
فإن حلفاءها في هذا الاتفاق - كما صرحوا موخرًا - (بريطانيا وروسيا) لا تريد الإلغاء، لكن باستطاعتها تحويل هذا الاتفاق إلى "اتفاق تنفيذي"، أو عقد، وليس معاهدة؛ حتى يكون تحت مراقبتها.
لكن السؤال المهم ماذا تريد أمريكا من إيران التي تعهدت بحفظ أمن واستقرار إسرائيل في الاتفاق النووي الذي أبرم بينها وبين دول 5+1، وكانت أمريكا عرابة هذا الاتفاق؟
الكل يتذكر حديث وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في خضم الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في 2006، بأن "العالم يشهد مخاض ولادة شرق أوسط جديد".
فأمريكا التي تريد صناعة شرق أوسط جديد ستكون لها اليد الطولى في المنطقة، وحماية أمن إسرائيل، وتقليم أظافر (محور المقاومة) المتمثل في إيران، والعراق، وسوريا، وحزب الله، والحشد الشعبي، والتي تعتقد الإدارة الأمريكية بأن هذا المحور تمدد في منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا بعد الربيع العربي.
خبير العلاقات الدولية
[email protected]