من يصدق أن مبارك الذي كانت تقوم له الدنيا وتقعد يبحث الآن عن محاكمة عادلة، ويقدم طلبات وتظلمات ولا أحد يسمع، فسبحان المعز المذل.. فمنذ سنوات قليلة كان مبارك إذا عطس يصاب كل المسئولين بالزكام نيابة عنه.. الآن مبارك في السجن ويريد فقط محاكمة عادلة كأي مواطن بسيط في مصر. فماهي الحكاية؟
الحكاية أن مبارك يجب أن يحاكم أمام محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في البلاد عن جريمة قتل المتظاهرين التي حكمت فيها محكمة النقض ببراءة حبيب العادلي ومساعديه من نفس التهمة.
لكن الوضع مع مبارك مختلف..لماذا؟ لأنه لا يمكن تأمين عملية نقله إلي مقر محكمة النقض وسط القاهرة.. كما أن المحكمة التي هي أكبر سلطة قضائية في مصر ترفض الانتقال إلى أي مكان مثل أكاديمية الشرطة، لأنه لا توجد هناك قاعات خاصة بالنقض.
ماذا يفعل مبارك في هذا المأزق؟ للأسف لا يستطيع أن يفعل شيئًا، خاصة أن صوته بالتأكيد وصل لأعلى المسئولين في الدولة، لكن الآذان التي كانت تتسمع لهمساته ونظرات عينيه أصابها الصمم ولن تسمع حتي صراخه.. دنيا.
قضية قتل المتظاهرين متداولة منذ يونيو ٢٠١٥ وتم تأجيلها أربع مرات، آخرها إلي مارس المقبل ٢٠١٧ دون أن يظهر أي أمل ينهي كل هذه التأجيلات.
مبارك الآن مواطن ومن حقه محاكمة عادلة ناجزة، بغض النظر عن أن القضاء الذي كان يفخر باستقلاله عندما كان الناس يطالبونه بالعدالة الناجزة، هو الذي يضعه في هذا المأزق .
كان مبارك دائمًا يتحدث عن استقلال القضاء وكان الناس يقولون فقط بالعدالة الناجزة التي تنصف المظلوم قبل أن يموت أو يصاب بالعجز.
يفهم مبارك الآن معني أن تكون مظلومًا وفي حاجة إلي عدالة ناجزة.
يفهم معني أن تكون مظلومًا في وطن لا يسمع أنين المظلومين. يفهم الآن لأنه لا يجلس على كرسي الحكم، ذلك الكرسي الذي يصيب أحيانًا بالعمي والصمم فلا يسمع الحاكم ولا يري إلا نفسه.. وعندما يوضع في المأزق الذي فيه مبارك الآن يبحث عن العدل.. ونحن أيضًا نطلب العدل لمبارك، تلك الكلمة التي طالما كان يضايقه سماعها.. الآن ما أحلي وقعها علي أذنيه!.