بينما تنشغل حركة حماس -التي يقيم زعيمها وعدد من قياداتها في قطر- باختيار رئيس لمكتبها السياسي خلفا لخالد مشعل الذي تنتهي ولايته أوائل العام 2017، تبدو القاهرة أكثر اهتماما بالتنسيق مع الرباعية العربية (السعودية-الأردن-الإمارات-مصر) ومناقشة قضية إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.
موضوعات مقترحة
وتعتبر إعادة هيكلة منظمة التحرير مدخلا للعديد من الملفات منها المصالحة داخل حركة حركة فتح، التي تتطرق ضمنيا إلى قضية خلافة الرئيس الفلسطيني "الثمانيني" محمود عباس أبومازن.
وتطفو مسألة خلافة أبومازن على الساحة الفلسطينية بقوة، رغم محاولة حركة فتح (أكبر فصيل فلسطيني في منظمة التحرير) تصدير فكرة أن كل شيء داخل الحركة على مايرام وتحت السيطرة، لكن المتابع للشأن الفلسطيني لا يستطيع إغفال حالة الشقاق الداخلي بين تيار يتزعمه الرئيس الفلسطيني "أبومازن" بصفته الرجل الأول في الحركة وفي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، في مقابل تيار مناوئ يتزعمه محمد دحلان القيادي المفصول من الحركة.
وكانت مسألة عودة "دحلان" – الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة - محورا لجملة من التفاهمات داخل "الرباعية العربية" في الفترة السابقة، عززتها المواقف الأخيرة لأبومازن والتي قرأها متابعون في سياق التقارب بين عباس وقطر وتركيا، خصوصا بعد تصريحاته عن مسألة استقلال القرار الفلسطيني والتي اعتبرت بشكل أو بآخر موجهة ضد القاهرة والرياض.
وتدلل عدة مؤشرات على هذا الطرح، آخرها استضافة القاهرة لمؤتمر حول القضية الفلسطينية بمنتجع العين السخنة، بحضور أكثر من 150 شخصية سياسية فلسطينية وعربية بينهم قيادات في حركة فتح من قطاع غزة.
المؤتمر في ظاهره لا يحمل أي دلائل على فكرة "الانقلاب الناعم" التي روجت لها أبواق إعلامية محسوبة على تيار أبومازن"، لاسيما أن الجهة المنظمة للمؤتمر هي جهة أكاديمية (المركز المصري لدراسات الشرق الأوسط) إلا أن القيادة الرسمية لحركة فتح أبدت منذ الوهلة الأولى انزعاجها من هذا المؤتمر واتهمته بالعمل لصالح تيار دحلان.
ورفض المتحدث باسم الحركة، أسامة القواسمي في بيان ما فعله المركز البحثي واعتبره تدخلاً فى الشئون الداخلية: "ما ينتج عن المؤتمر باطل وغير شرعي، لأننا لم نخول أحدًا للحديث نيابة عنا، وأى لقاءات أو مؤتمرات يراد منها مناقشة القضية الفلسطينية يجب أن يتم الترتيب لها مع المؤسسات الرسمية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية".
وحاولت شخصيات سياسية مقربة من دوائر صنع القرار في مصر التأكيد على فكرة أن المؤتمر لايدعم طرفًا ضد آخر في حركة فتح، وأنه يأتي في سياق محاولة التقريب وتحريك المياه الراكدة في الملف الفلسطيني وفقا للتغييرات الحاصلة في ميزان القوى الإقليمية وحركة التحالفات السريعة والمتغيرة.
وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن انعقاد مؤتمر مصر والقضية الفلسطينية في العين السخنة جاء من أجل محاولة تكشف الطريق للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.
وأضاف فهمي الذي حضر المؤتمر أن عقد المؤتمر يكتسب أهمية مع وجود عرقلة للقضية الفلسطينية تتطلب من الباحثين والخبراء المصريين المهتمين بها بحث الأمر عبر رسم سيناريوهات محددة للتعامل مع المشهد الفلسطيني.
واعتبر أكاديميون مصريون مؤتمر العين السخنة تورطا لمصر وانحيازها لطرف دون آخر بما يقلل من دورها في القضية الفلسطينية، لكن قيادات من حركة فتح (تيار أبومازن) توقفت عند فكرة السيناريوهات المستقبلية باعتبارها أحد النقاط المهمة الجديرة بالمناقشة.
السفير حازم أبوشنب عضو المجلس الثوري لحركة فتح قال لـ"بوابة الأهرام": لا اهتمام لنا بمخرجات المؤتمر، ونركز على مخرجات نقاشاتنا الداخلية في فتح والحركة الوطنية الفلسطينية، أما أي شيء خارجي فلن يكون له أثر على السياسة الفلسطينية الداخلية أوالخارجية حيث نتمسك بالقرار الوطني.
من جهته اعتبر الدكتور سمير غطاس عضو مجلس النواب المصري إن هذا المؤتمر يورط مصر ويمثل خروجا فظا عن الثوابت الوطنية المصرية التي لم يسجل في كل تاريخها تدخلا في الشئون الداخلية الفلسطينية أو انحيازا ضد الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
وأيا كانت وجهات النظر المطروحة -مع المؤتمر أو ضده- فإن مسألة الخلافات داخل حركة فتح والحديث عن خلافة الرئيس أبومازن هي مسألة مطروحة بقوة على الساحة العربية والفلسطينية، وهناك أسماء يتم تداولها في هذا الشأن من بينهم الأسير الفلسطيني والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي بالإضافة إلى أسماء أخرى موجودة في دائرة صنع القرار الفلسطيني.