Close ad

ساحراتي الممسوسات

23-7-2016 | 20:57
ساحراتي الممسوسات أرشيفية
مازن المعموري
لنْ أضيّع حياتي في هذه الفوضى
موضوعات مقترحة

ما قلتهِ لي البارحةَ،
ما زالَ يرنُّ في أذني

رتبتُ غرفتي ووضعتُ كتبي في مكانها لأوّل مرة
علقتُ ملابسي في دولابي الفارغِ
ومسحتُ الألوان من على الحيطان والأبواب

بقايا الأوراق وسلةُ المهملاتِ
مليئةٌ بقصائدَ شاحبةٍ ومريضة

لملمتُ القناني الفارغةَ
ورتبتُ ما تسمينه فوضى

لكن المشكلةَ ليستْ كذلك
ثقي بي
فأنا متأكدٌ من أنك لم تعرفي بعد
تلك الفوضى هواجسي المتناثرة
سواداتُ أحلامي

أشجاري التي تفحمتْ من سطوعِ الشمس
أصواتُ الانفجاراتِ وسخامُ دخانِها الملوّن

الفوضى مكانٌ لا يعرفه أحدٌ غيري
أضع فيه ساحراتٍ صغيراتٍ بحجمِ العقلة

يعملنَ على تحويرِ أشلاءِ وخرقِ الموتى
إلى قطعٍ من البلاستيكِ
وكراسي متنوعةٍ للجلوسِ عليها
قبالةَ شباكِ ساحةِ التحرير

المشكلةُ..
أن كلَّ الأشياءِ التي أجدُها في طريقي
تصرخُ كلّما وضعتُها في كيسِ الكتانِ الواسع

تتألم وتهذي بأسماءٍ وكلماتٍ
لا أعرفُها

تقولُ لي الساحراتُ:
إن هذه الأسماءَ صارتْ دمى تتقافزُ في الحديقة
تدخلُ إلى البيتِ
وترمي كلّ شيءٍ أمامَها

في المرةِ الأخيرةِ
رمتْني من السريرِ دميةٌ
تذكرتْ حريقَ الكرادةِ
حين سمعتْ صفيرَ إبريقِ الشاي

ساحراتي الممسوسات
لا يتركنَ شيئاً دون لمسةٍ من عصاهنَّ
ليصبحَ الأثاثُ متحركاً وعاقلاً مثلهن

تفعلُ الكتبُ ما يحلو لها
وهي تطيرُ في أجواءِ الغرفةِ
وتتحدثُ عن مفاتنها
وتنتقدُ حياتي أحياناً

أو تطلقُ بعضَ الابتساماتِ الساخرةِ من شكلي

وأنا أدخلُ حاملاً كيسَ الجنفاصِ
المليء بالشظايا والملابسِ المحروقةِ
والعظامِ وأكياسٍ صغيرةٍ من هواءِ الانفجاراتِ
الملوّثِ برائحةِ (TNT) و(C4).

لقد قلتِها لي في المرّةِ الأخيرة:
ماذا أفعلُ بكلّ هذه الفوضى؟
----

مازن المعموري
(شاعر وكاتب من العراق)
كلمات البحث
اقرأ ايضا: